بسم
الله الرحمن الرحيم
فتــح
البيـــان
فيما
روي عن عليٍّ من تفسير القرآن
تأليـف
العـلامـة المجتهد
مصطفى الحسيني الطبطبائي
ترتيب
ومراجعة وإضافات وحواشي
أ/ سعــــد رستـــــم
مـاجستـير
فـي التفسير والحديـث
ماجستير
فلسفة في الدراسات الإسلامية
صفحـة
مـن القـرآن الكريم بالخط الكوفي منسـوبة
للإمام الربَّاني أمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام
عَلِيُّ
مَعَ القُرْآنِ والقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ لَنْ
يَفْتَرِقَا...
خاتم
النبيين الرسول
الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
إنَّ
الكتَابَ لمَعِي، مَا فَارَقْتُهُ مُنْذُ صَحِبْتُهُ...
أمير
المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
إنَّ
عَلَى كُلِّ حَقٍّ حقيقةً، وعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوْرَاً، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ
اللهِ فَخُذُوا بِهِ، ومَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ
فَدَعُوهُ.
أمير
المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
فهرس
المحتويات |
+++ |
كلامُ
عليٍّ عليه السلام في وَصْفِ القرآن. 17
كلامُ
عليٍّ عليه السلام في ذَمِّ تفسير القرآن بالرَّأيِ. 19
ظَاهِرُ
القُرْآنِ وباطِنُهُ في كَلامِ عَلِيٍّ عليه السلام 22
تَيْسير
فَهْمِ القُرْآن ورأيُ عَلِيٍّ عليه السلام في ذلك.. 22
تَرْتِيْبُ
سُوَرِ القُرْآنِ في مُصْحَفِ عليٍّ عليه السلام 25
ما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام في تفسير فاتحة الكتاب.. 28
ما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام في آية الكرسي. 34
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تَفْسِيرِ الحُرُوفِ المقَطَّعَة 34
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في مُتَشابِهاتِ القُرْآن. 36
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ في تفْسِير تَكْليمِ اللهِ تَعَالى. 39
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تفسِيْرِ سُورةِ التَّوْحِيْدِ. 40
في
تفسيره قوله تعالى: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ. 42
تفسير
عليٍّ لقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ
مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾. 43
ما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام من تفسير "وَجْهِ الله" 44
في
تفسيره قوله تعالى: ﴿ وَمِن
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
43
46
في
تفسيره قوله تعالى: ﴿ وَيَعْلَمُ
مَا فِي الأَرْحَامِ ﴾.
43
47
الباب
الثاني فيما روي عن عليٍّ عليه السلام
من تفسيرٍ لبعض آيات الأحكام والعبادات.. 52
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تعظيم أمر الصلاة 52
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في آية الوضوء 53
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير الصلوة الوسطى. 55
رأيُ
الإمامِ عليه السلام في سَبَبِ نُزُولِ سُوْرَةِ بَرَاءَةَ مِنْ دُوْنِ
التَّسْمِيَةِ 56
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في كيفية الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. 56
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تفسير ما يَتَعَلَّقُ بالدُّعَاءِ 57
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آداب الصلوة 59
ممَّا
روي عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يَتَعَلَّقٌ بصلوة الجُمُعَةِ 61
عزائم
السجود في القرآن عند عليٍّ عليه السلام 64
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في بيان نوافل الصبح والمغرب.. 65
ما
روى عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في بيان ملازمة الصلوة والزكوة 66
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يتعلَّق بآي الصيام 67
مما
روي عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يتعلَّق بآي الحجّ. 69
مما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام في آيِ الجهادِ في سَبِيلِ اللهِ. 73
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في آيِ الأمر بالمعروف والنَّهيِ عن
المُنْكَرِ 76
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آية كفّارة الحنث باليمين. 77
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آيِ النِّكاحِ والطَّلاقِ. 78
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آيِ الوصية والميراث.. 82
الباب
الثالث ما روى عن علي عليه السلام في
تفسير المتفرقات من مسائل القرآن. 83
الباب
الرابع اقتباسات الإمام علي عليه السلام من القرآن الكريم. 101
+++ |
مُقَدِّمَةُ
المُؤَلِّفِ |
+++ |
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ذي النعم
المتتابعة والآلاء المتواترة والآيات اللامعة والحجج البالغة، حمداً
نتوسل به إلى سعة غفرانه ونقترب به إلى عظيم رضوانه، ونسأله أن
يصلى على من اصطفاه لتبليغ أمره وأداء رسالته واجتباه لإكمال دينه وإتمام
نعمته، محمد الذي
ختم به النبيين وأرسله رحمة للعالمين، وعلى آله
الهداة المهديين، لاسيما
على يعسوب المؤمنين علي إمام المتقين ما طلع نجم في السماء وتعاقب الصباح والمساء
وبعد،
لقد من
الله تعالى على هذه الأمة إذ أرسل إليهم رسولاً ذا خلق عظيم وأنزل عليه
﴿ قُرآنًا
عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾
[الزمر:28] كتاباً
مبيناً ﴿ يَهْدِي
بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ
مُّسْتَقِيمٍ ﴾ 43
[المائدة:16]
﴿ أَحْسَنَ
الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى
ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ 43
[الزمر:23] ولو أنزله
سبحانه تعالى ﴿ عَلَى
جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ 43
[الحشر:21]. وقد نزله
- جل ذكره - على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ليتدبر الناس آياته وليتعظ أرباب
العقول بمواعظه، فقال عز من قائل: ﴿ كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ
أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ 43
[ص:29]. فكان ممن
سارع في أمر ربه وسابق إلى طاعة مولاه, علي بن أبي طالب الذي كان ذا ﴿ أُذُنٍ
وَاعِيَةٍ ﴾ 43 لكلام
الله، وقلب عقول لفهم كتابه، فصار عليه السلام عارفاً بمحكمه, مؤمناً بمتشابهه,
عاملاً بأمره, نائياً عن نهيه, قاتل على تأويله كما قاتل رسوله الله عليه وآله وسلم
على تنزيله، فهو إمام المفسرين بعد رسول رب العالمين. اقتبس منه علم التفسير ابن
عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأخذ المفسرون عن ابن عباس وهم عيال عليه في
تفسير القرآن. إلا أن جميع آثاره عليه السلام في التفسير لم تصل إلينا، ولم نجد إلا
قليلاً منها متفرقاً في الكتب كالدرر المنثورة، فأحببت أن أذكر - بعون الله العظيم
- في كتاب، مكانة الإمام عليه السلام من القرآن، واهتمامه بحفظه وجمعه وقراءته
وتفسيره وتعليمه، وأن أشرح نبذةً من طرائف تفسيره، وظرائف تعبيره، حيث كان عليه
السلام من أمراء الكلام وفرسان ميادين البيان(1)، وشرطت
على نفسي أن لا أجمع من الروايات إلا ما وافق منطوق القرآن أو مفهومه وتركت منها ما
لا يوافق ظاهر الكتاب مما رواه الوضاعون والغلاة، فهذا هو المعيار الأول والمقياس
الأهم في قبول الآثار ومعرفة صحيح الأخبار، كما روي
عن الأئمة الأبرار عليهم السلام متواتراً(2).
وقد تساهل
العلماء في رواية التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث وإنما تساهلوا في الأخذ
عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه، تشهد به لغات العرب، وما شرطت على نفسي من موافقة
ظاهر القرآن وسياقه أوثق من شرطهم، وهم أوردوا ما روي عن الكلبي ومقاتل والضحاك
وأشباههم في كتبهم، وأنا ذاكر بعض ما روي عن رباني هذه الأمة والإمام المتفق على
عظيم منزلته ورفيع قدره علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أخذ القرآن والعلم عن فم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال عليه السلام عندما سئل: مالك أكثر
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثا؟ فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني
وإذا سكت ابتدأني(3).
أسأل الله -
تقدست أسماؤه - أن ينفع بكتابي هذا كل من طلب الهدى من القرآن فآثره على ما سواه،
وعصمني الله سبحانه من الزيغ والزلل في القول والعمل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
كتبـه
بيمنـاه الداثـرة
مصطفى
الحسيني الطباطبائي
عفي
عنه
+
+
+
عليٌّ عليه السلام والقرآن |
+++ |
كان علي
عليه السلام من كتبة الوحي النبوي وكان واعيا للقرآن الكريم قد تمكن
كتاب الله عز وجل
في صدره،
مصداقاً
لقوله تعالى:
﴿ بَلْ
هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ 43
[العنكبوت:49] فتجلى
القرآن في عمله وحكمه وحروبه.
وإليك لمعة مما أشرق
من
القرآن في شؤون
حياته
عليه السلام:
1- روى أبو
جعفر الطبري في تفسيره بإسناده عن على بن حوشب، قال: سمعت
مكحولاً(4) يقول:
«قرأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ﴿ وَتَعِيَهَا
أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ 43 ثم التفت
إلى علي، فقال: "سألت الله أن يجعلها
أذنك"، قال علي رضي الله عنه: فما سمعت شيئاً
من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته»(5).
2- روى
"محمد بن
سعد" في كتاب
الطبقات الكبرى بإسناده عن سليمان الأحمسي عن أبيه قال: قال علي عليه
السلام: «والله ما
نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت(6)، إن
ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً طلقاً»(7).
3-
وإنا لنجد
في كتاب الله تعالى آية لم يعمل بها أحد من هذه الأمة إلا علي بن أبي طالب عليه
السلام، كما روى ابن جرير الطبري في تفسيره بإسناده عن مجاهد(8)،
في قوله: ﴿ فَقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ 43
قال: «نهوا عن
مناجاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قدم دينارا فتصدق به، ثم أنزلت الرخصة في ذلك»، وروى بإسناده عن مجاهد أيضاً قال: قال
علي رضي الله عنه: «إن في
كتاب الله عز وجل لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ
يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ 43
[المجادلة:12] قال:
فرضت، ثم نسخت»(9).
4-
أخرج "ابن
أبي داود"
في كتاب "المصاحف" من طريق ابن سيرين(10)
قال: «لما
توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقسم علي
عليه السلام أن لا
يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف، ففعل».
أقول: قد
رأى محمد بن إسحق النديم هذا المصحف في زمانه عند أبي يعلى حمزة الحسني وشهد على
ذلك في كتابه المسمى بـ"الفهرست" وسيأتي بيان ترتيب السور في هذا المصحف إن شاء
الله.
5
- صوب علي عليه السلام رأي عثمان في المصاحف بعدما حضر مجلسه ودخل في ملأ من أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما روى أبو جعفر الطبري في تاريخه عن سويد غفلة
الجعفي(11)
قال: لا أحدثكم إلا ما سمعته أذناي ووعاه قلبي من علي بن أبي طالب عليه السلام
سمعته يقول: «لا
تسموا عثمان شقاق المصاحف فوالله ما شققها إلا عن ملأ منا أصحاب محمد ولو وليتها
لعملت فيها مثل الذي عمل»(12).
6- اهتم
علي عليه السلام بتصحيح كتابة القرآن كما روي في "المناقب" لابن
شهر آشوب: أن زيد بن ثابت لما قرأ "التابوة" قال
علي عليه السلام: اكتبه "التابوت" فكتبه كذلك(13).
7-
قيل أن أفصح القراءات قراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي وعاصم قرأ على أبي عبد
الرحمن السلمي وقال أبو عبد الرحمن: قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب
عليه
السلام.
8- العدد
الكوفي في القرآن منسوب إلى
علي عليه السلام فإنه سمع
ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو علي الطبرسي في "مجمع البيان":
«روى الأستاذ أحمد
الزاهد في كتاب "الإيضاح" بإسناده عن سعيد بن المسيب(14) عن علي
بن أبي طالب عليه السلام أنه قال سألت النبي عن ثواب القرآن؟
فأخبرني بثواب سوره سورةً
سورةً على نحو
ما نزلت من السماء (إلى أن قال)،
ثم قال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (جميع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة وجميع آيات
القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية وست وثلاثون آية وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف
حرف وعشرون ألف حرف ومائتان وخمسون حرفا، لا يرغب في تعلم القرآن إلا السعداء ولا
يتعهد قراءته إلا أولياء الرحمن)»(15).
9- إن
علياً
عليه
السلام كان يعلم الناس
القرآن، وهم
يقرؤون عليه لتقويم قراءتهم، كما روي
عن أبي مريم زر بن حبيش(16) قال: قرأت
القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه
السلام(17).
وكما روي
عن
رزين بن حصين(18)
رضي
الله عنه قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما
بلغت الحواميم، قال لي: قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت اثنتين وعشرين آية من
﴿ حم
عسق ﴾ 43
بكى ثم قال: اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين، ومرافقة الأبرار،
واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ورجوت رحمتك
والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم قال: يا رزين، إذ ختمت فادع بهذه، فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن ﴾ 43
(19).
وروى
السيوطي في الدر المنثور قال:
«أخرج
ابن الأنباري في المصاحف عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كنت أقرئ
الحسن
والحسين، فمر
بي علي
بن أبي
طالب وأنا أقرئهما فقال لي: «أقرئهما
وخاتم النبيين بفتح التاء».
10-
إن علياً
عليه
السلام لم
يكتف بتعليم القراء،بل كان يمشي في الأسواق وحده، وهو بذاك يرشد الضال ويعين الضعيف
ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليهم القرآن ويقرأ: ﴿ تِلْكَ
الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ
وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ 43
[القصص:83](20).
11-
وكان
علي عليه
السلام يستنبط
استنباطات دقيقة من القرآن تعكس فهمه العميق المتميز لكتاب الله وفقهه النير الذي
لا يبارى في القرآن الكريم، وهو فقه خصه الله تعالى به وفتح به عليه، وقد حدث بهذه
النعمة الإلهية، فكان يقول لمن سأله فيما إذا كان لديهم أهل البيت كتاب خاص من رسول
الله أو وحي سوى القرآن، وغير ما لدى سائر المسلمين؟؟، فيقول: «لا والذي فلق الحبة وبرأ
النسمة، ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه
الصحيفة(21)»(22)
أو يقول: «لا! ما
عندنا إلا ما في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، إلا أن يعطي الله عز وجل عبداً
فهماً في كتابه»(23).
ومن
أمثلة استنباطاته اللطيفة والدقيقة من القرآن الكريم استنباطه عليه السلام،
أقل مدة الحمل - وهو
ستة أشهر - من قوله تعالى: ﴿ وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ﴾ 43
[الأحقاف:15]
وقوله
تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ 43
[البقرة:233]،
لأننا إذا طرحنا
سنتي الرضاعة من الثلاثين
شهرا المذكورة
لكلي الحمل والفطام من الرضاعة بقيت ستة
أشهر
مدة الحمل!
و
روى المفسرون أن رجلاً
تزوج من امرأة فولدت له تماما
لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان (وفي
بعض الروايات أنه انطلق إلى عمر بن الخطاب) فأمر برجمها، فبلغ ذلك
عليا عليه
السلام، فأتاه، فقال: ما
تصنع؟ قال: ولدت تماما لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ قال علي عليه
السلام: أما سمعت الله تعالى
يقول ﴿ وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ﴾ 43
[الأحقاف:15]
وقال:
﴿ وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ 43
[البقرة:233] فكم تجده
بقي إلا ستة أشهر؟(24).
12-
وكان علي عليه
السلام يحاج أعداءه بالقرآن
كما أثبت المؤرخون احتجاجاته مع الخوارج وغيرهم. من
ذلك ما رواه
الدينوري في "الأخبار الطوال": حيث يقول: قالت الخوارج لعلي عليه
السلام:
«إنا كفرنا حين
رضينا بالحكمين وقد تبنا إلى الله من ذلك فإن تبت كما تبنا فنحن معك وإلا فأذن بحرب
فإنا منابذوك على سواء! فقال لهم علي عليه
السلام: أشهد على نفسي بالكفر؟! ﴿ ..قد
ضللت إذًا وما أنا من المهتدين ﴾ 43
[الأنعام:56]،
ثم قال عليه
السلام: ليخرج إلي رجل منكم ترضون به حتى أقول ويقول،
فإن وجبت علي الحجة أقررت لكم وتبت إلى الله، وإن وجبت عليكم فاتقوا الذي مردكم
إليه. فقالوا: لعبد الله بن الكواء - وكان من كبرائهم-: اخرج إليه حتى تحاجه! فخرج
إليه. فقال علي عليه السلام: يا ابن الكواء! ما الذي نقمتم علي؟ بعد رضاكم بولايتي
وجهادكم معي وطاعتكم لي؟! فهلا برئتم مني يوم الجمل؟! قال ابن الكواء:
لم
يكن هناك تحكيم. فقال علي عليه
السلام: يا ابن الكواء! أنا أهدى أم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال ابن
الكواء: بل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فما سمعت قول الله عز وجل:
﴿ ...فَقُلْ
تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ
وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ﴾ 43
[آل
عمران:61]
أكان
الله يشك أنهم كاذبون؟
قال: إن ذلك كان احتجاجاً عليهم وأنت شككت في نفسك حين رضيت بالحكمين! فنحن أحرى أن
نشك فيك! قال علي عليه
السلام: وإن الله تعالى يقول: ﴿ قُلْ
فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا
أَتَّبِعْهُ ﴾ 43
[سورة
القصص:49]،
قال ابن الكواء: ذلك أيضاً احتجاج منه عليهم! فلم يزل علي عليه
السلام يحاج ابن الكواء بهذا وشبهه. قال ابن الكواء: أنت صادق في جميع ما تقول غير
أنك كفرت حين حكمت الحكمين!»(25).
وزاد
الطبري في تاريخه: فقال
علي عليه
السلام:
«إنا
لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا
ينطق إنما يتكلم به الرجال»
قالوا: فخبرنا عن
الأجل لم
جعلته فيما بينك
وبينهم؟؟
قال:
«ليعلم
الجاهل ويتثبت العالم، ولعل الله عز وجل يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، أدخلوا
مصركم رحمكم الله!»(26).
13-
وكان علي
عليه السلام يستشهد في مكاتباته بأي القرآن كما أورد اليعقوبي في تاريخه نبذةً
منها، ومن ذلك كتابه عليه السلام إلى "يزيد بن
قيس الأرحبي"(27): أما بعد،
فإنك أبطأت بحمل خراجك، وما أدري ما الذي حملك على ذلك. غير أني أوصيك بتقوى الله
وأحذرك أن تحبط أجرك وتبطل جهادك بخيانة المسلمين، فاتق الله ونزه نفسك عن الحرام،
ولا تجعل لي عليك سبيلا، فلا أجد بداً
من الإيقاع بك، وأعزز
المسلمين ولا تظلم المعاهدين،
﴿ وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا
وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ 43
[القصص:77](28).
14-
وكان عليه
السلام إذا أراد أن يسير إلى الحرب قعد على دابته وقال: الحمد
لله رب العالمين على نعمه علينا وفضله العظيم
﴿ سُبْحانَ
الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَإِنَّا إِلَى
رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ 43
[الزخرف:13و14]
ثم يوجه دابته إلى
القبلة ثم يرفع يديه إلى السماء ثم يقول:
«اللهم
إليك نقلت الأقدام وأفضت القلوب ورفعت الأيدي وشخصت الأبصار، نشكو إليك غيبة نبينا
وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا
﴿ رَبَّنَا
افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وأَنْتَ خَيْرُ
الْفاتِحِينَ ﴾ 43
[الأعراف:89] سيروا على
بركة الله!»(29).
15-
وكان عليه
السلام إذا
أراد الغزو حرض أصحابه على القتال بآي القرآن فقال: «إن الله
عز وجل قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب وتشفي بكم على الخير، إيمان بالله
ورسوله وجهاد في سبيله، وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من
الله أكبر، فأخبركم بالذي يحب فقال:
﴿ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ
مَّرْصُوصٌ ﴾ 43
[الصف:4]»(30).
16-
وكان عليه
السلام إذا أبصر بعض أصحابه، بشره بقراءة القرآن، كما روي أنه: أتى
سليمان بن صرد الخزاعي(31)
علياً أمير المؤمنين عليه
السلام ووجهه مضروب بالسيف، فلما نظر إليه علي عليه السلام قال: ﴿ فَمِنْهُم
مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلاً ﴾ 43
[الأحزاب:23]
فأنت ممن ينتظر وممن
لم يبدل(32).
17-
وكان عليه السلام يكتب إلى أمراء الأجناد فيذكرهم بالقرآن فكتب: ...فاعزلوا
الناس عن الظلم والعدوان وخذوا على أيدي سفهائكم واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى
الله بها عنا فيرد علينا وعليكم دعاءنا فإن الله تعالى يقول:
﴿ قُلْ ما
يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ
لِزَامَاً ﴾ 43
[الفرقان:77](33).
18-
وربما أنشد أحد الشعر عند علي أمير المؤمنين علي
عليه السلام فأمره أن يقرأ القرآن مكان شعره، كما روي أنه عليه
السلام لما
انتهى إلى مدينة
بهرسير (في
مسير صفين) إذا رجل من أصحابه
يقال له "حر بن سهم
بن طريف"
من بني ربيعة بن
مالك،
ينظر إلى آثار كسرى
وهو يتمثل قول ابن يعفر التميمي(34)
جرت الرياح على مكان
ديارهم
فكـأنـمـا كـانوا على ميعاد
فقال
علي
عليه
السلام:
«أفلا
قلت:
﴿ كَمْ
تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا
فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ
السَّماءُ وَالأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ 43
[الدخان:25-29] إن هؤلاء
كانوا وارثين فأصبحوا موروثين. إن هؤلاء لم يشكروا النعمة فسلبوا دنياهم بالمعصية.
إياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم»(35).
19-
وربما أعذر أحد عنده فعذره عليه
السلام ورفع عنه اللوم بآية من القرآن كما روي أنه لما رجع من صفين وانتهى إلى
النخيلة رأى شيخاً في ظل بيت على وجهه أثر المرض فسلم عليه فرد رداً حسناً فسأله عن
حاله وبشره برحمة الله وغفرانه وقال له: «هل شهدت
معنا غزاتنا هذه؟
قال: لا والله ما شهدتها ولقد أردتها ولكن ما ترى بي من لحب الحمى خذلني عنها. قال
علي: ﴿ لَّيْسَ
عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا
يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ 43
[التوبة:91](36).
20-
وكان علي
عليه السلام يكثر
من مدح القرآن ويثني على أهله خيراً بأبلغ بيان وأحسن الكلام وسيأتي ذكره إن شاء
الله تعالى.
21- وكان من وصيته عليه
السلام لما حضره الموت أنه قال: «..والله
الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم!»(37).
هكذا
كان علي مع القرآن والقرآن مع علي كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
روى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن أبي ثابت قال: دخلت على أم سلمة رضي الله
عنها فرأيتها تبكي وتذكر علياً! قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«علي مع القرآن
والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة»(38).
+++ |
كلامُ عليٍّ عليه السلام في وَصْفِ القرآن |
+++ |
إن
عليا عليه
السلام كثيراً ما ندب أصحابه إلى القرآن، وبين فضله بأبلغ البيان، فما نرى أحداً من
العلماء وصف القرآن كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام، لأن
علياً كان قلبه مرآة القرآن وعمله ثمرةً لهذه الشجرة المباركة، فينبغي لنا أن نسكت
في هذا المقام ونفوض نعت القرآن إلى علي عليه
السلام (وفي طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل!)؛ فاستمع إلى كلام تشد الرحال فيما
دونه:
1-
قال
عليه السلام: «بعث
الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى
عبادته ومن طاعة الشيطان إلى طاعته بقرآن قد بينه وأحكمه، ليعلم العباد ربهم إذ
جهلوه، وليقروا به بعد إذ جحدوه، وليثبتوه بعد إذ أنكروه، فتجلى لهم سبحانه في
كتابه من غير أن يكونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم، وأراهم عفوه كيف عفا، وأراهم
قدرته كيف قدر، وخوفهم من سطوته، وكيف خلق ما خلق من الآيات، وكيف محق من محق من
العصاة بالمثلات واحتصد من احتصد بالنقمات، وكيف رزق وهدى وأعطى»(39).
2-
وقال
عليه السلام: «واعلموا
أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب،
وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدًى أو نقصان من
عمًى. واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنىً؛
فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإن فيه شفاءً من أكبر الداء، وهو
الكفر والنفاق والغي والضلال، فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به
خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله، واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل
مصدق»(40).
3-
وقال
عليه
السلام: «وعليكم
بكتاب الله فإنه الحبل المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والري الناقع،
والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلق، لا يعوج فيقام، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تخلقه
كثرة الرد وولوج السمع، من قال به صدق، ومن عمل به سبق»(41).
4-
وقال
عليه السلام: «وإن
الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن، فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين،
وفيه ربيع القلب وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره»(42).
5-
وقال
عليه السلام: «فالقرآن
آمر زاجر، وصامت ناطق، حجة الله على خلقه، أخذ عليه ميثاقهم وارتهن عليهم أنفسهم،
أتم نوره وأكمل به دينه، وقبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد فرغ إلى الخلق من
أحكام الهدى به»(43).
6-
وقال
عليه السلام: «ذلك
القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، ولكن أخبركم عنه: إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي
إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم»(44).
7-
وقال
عليه السلام: «تعلموا
القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء
الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص»(45).
8-
وقال
عليه السلام: «وكتاب
الله بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، وبيت لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم
أعوانه»(46).
9-
وقال
عليه السلام: «وفي
القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم»(47).
10-
وقال
عليه السلام: «إن
القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف
الظلمات إلا به»(48).
قسم
الإمام
علي عليه
السلام العباد في كلامه إلى فئتين، فئة قامعة لهواها، تابعة لكلام ربها تحل حيث حل
القرآن، فالقرآن إمامها وقائدها. وأخرى من أهل الزيغ والهوى، وتحميل الرأي على
القرآن، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم! فقال في وصف رجل من الفئة
الأولى:
«قد ألزم
نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحق ويعمل به، لا يدع للخير
غايةً إلا أمها ولا مظنةً إلا قصدها قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه يحل
حيث حل ثقله وينزل حيث كان منزله»(49).
ثم وصف عليه السلام رجلاً آخر من الفئة
الثانية فقال: «و آخر
قد تسمى عالماً وليس به، فاقتبس جهائل من جهال وأضاليل من ضلال ونصب للناس أشراكاً
من حبائل غرور وقول زور قد حمل الكتاب على آرائه وعطف الحق على أهوائه»(50).
وقال
عليه السلام أيضاً: «و إنه
سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر
من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق
تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه! ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف، ولا
أعرف من المنكر، فقد نبذ الكتاب حملته وتناساه حفظته، فالكتاب يومئذ وأهله طريدان
منفيان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو. فالكتاب وأهله في ذلك الزمان
في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم، لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا،
فاجتمع القوم على الفرقة وافترقوا على الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب
إمامهم، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه ولا يعرفون إلا خطه وزبره، ومن قبل ما مثلوا
بالصالحين كل مثلة وسموا صدقهم على الله فريةً وجعلوا في الحسنة عقوبة
السيئة(51)».
أقول:
أصل هذا الكلام مروي عن رسول الله فأخذ أمير المؤمنين عليه
السلام شطراً
منه وبينه بأفضل بيان وتفصيل. روى الكليني في الروضة من الكافي بسنده عن أبي عبد
الله الصادق قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: «سيأتي
على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم
أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت
ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود»(52).
وقال
عليه
السلام أيضا
في النهي عن تفسير القرآن بالرأي: «فإنه
ينادي مناد يوم القيامة: ألا إن كل حارث مبتلًى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة
القرآن فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم واتهموا
عليه آراءكم واستغشوا فيه أهواءكم»(53).
أقول:
لا ريب أن القرآن الكريم نزل من عند الله رب العالمين ليتدبر الناس آياته وليهتدوا
به، فالمراد من التفسير بالرأي المنهي عنه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام،
تحميل الرأي المتخذ من المسالك المختلفة على القرآن كما هو معمول به عند أرباب
المذاهب:
فكلٌّ
يدَّعي وصلاً بليلى
وليلى لا تُقِرُّ لهم بذاكا
وأما
من ترك تأويلات الصوفية ونسي الآراء الفلسفية وأعرض عن الأقوال الكلامية وأمثالها
وتمسك بحبل القرآن وطلب حل مشكل القرآن من نفسه وفسر آيةً منه بآية أخرى، أو بسنة
من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد هدي إلى صراط مستقيم. هذا هو المنهج الحق
في تفسير القرآن المبين وقد أشار إليه أمير المؤمنين عليه
السلام في
كلامه فقال:
«كتاب
الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ولا
يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله»(54)
وقال
عليه السلام: «و اردد
إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور فقد قال الله تعالى لقوم
أحب إرشادهم: ﴿ يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي
الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
والرَّسُولِ ﴾ 43: فالرد
إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير
المفرقة»(55).
فعلى
المفسر أن يسير إلى ما يتجه إليه القرآن ويسكت فيما سكت الله عنه فلا يتكلف نفسه في
صرف مدلولات الآيات عن ظواهرها، ولا يجاوز حدود الله سبحانه في كلامه كما قال أمير
المؤمنين عليه
السلام:
«إن الله
فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد لكم حدوداً فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلا
تنتهكوها وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسياناً فلا تتكلفوها»(56).
وذلك
هو المنهج العلوي في تفسير الذكر الحكيم.
+++ |
ظَاهِرُ القُرْآنِ وباطِنُهُ في كَلامِ عَلِيٍّ عليه السلام |
+++ |
المشهور
بين المسلمين أن للقرآن الكريم ظهراً وبطناً، كما وجدنا هذا المعنى في كلام أمير
المؤمنين عليه
السلام حيث
يقول:
«..
وإن
القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات
إلا به»(57).
فتعلقت
طائفة بهذا الكلام وصرفوا معنى القرآن عن وجهه فوضعوه في غير موضعه، وأتوا في تأويل
باطن الكتاب بما لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمثاله، ولا عن
الصحابة والتابعين أشباهه! والصواب أن المراد من ظاهر القرآن هو فصيح لغته وعجيب
نظمه، وغريب أسلوبه، والمقصود من باطن القرآن عمق معناه ولطف مفهومه كما رووا عن
علي عليه
السلام أنه قال:
«ما من
آية إلا ولها أربعة معان: ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر التلاوة والباطن الفهم،
والحد هو أحكام الحلال والحرام، والمطلع هو مراد الله من العبد بها»(58).
فباطن
القرآن كما صرح به في هذه الرواية هو عمق مفاهيمه، وذلك يدرك بالتدبر والتأمل. وأما
ما حكي في الروايات الشاذة عن باطن القرآن مما لا يدل عليه الكتاب بوجه من الوجوه،
فليس من باطن كتاب الله عز وجل، فكيف يعد من معاني القرآن ما لا يدل القرآن عليه
بدلالة لفظية ولا معنوية؟! والأقرب أن تلك الروايات الشاذة من وضع الباطنية والفرق
الضالة، وضعوها للتغرير بالناس ودعوتهم إلى مذاهبهم
المبتدعة.
تَيْسير فَهْمِ
القُرْآن ورأيُ عَلِيٍّ عليه السلام في ذلك
ذهبت
طائفة من المسلمين إلى أن القرآن الكريم بعيد معناه عن فهم البشر لا يدركه إلا
النبي الخاتم والإمام المعصوم. وهذا رأي غير سديد وظاهر البطلان يخالف دعوة الله
تعالى عباده إلى التفكر في القرآن ليعلموا أنه الحق من ربهم، ويضاد حديث رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك كما رواه عنه علي
بن أبي طالب عليه السلام: فأما
دعوة الله تعالى فتجدها في قوله العزيز: ﴿ وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ 43
[القمر:17-22-32-40].
وقوله
تعالى: ﴿ كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ
أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ 43
[ص:29].
وقوله
عز شأنه: ﴿ أَفَلاَ
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ
فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ 43
[النساء:82].
ومثله قوله تعالى: ﴿ أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ 43
[محمد:24].
وأما
حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد رواه "الحارث
الأعور"
عن
علي عليه
السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يلي: «عن
الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي،
فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: وقد فعلوها؟ قلت:
نعم، قال: أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا
إنها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب
الله فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل،
من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله
المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيع به الأهواء، ولا
تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي
عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا ﴿ إنا
سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ﴾ 43، من قال
به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، خذها
إليك يا أعور»(59).
رواه
من أهل السنة الترمذي والدارمي في سننهما، ومن الإمامية محمد بن مسعود العياشي في
تفسيره مع اختلاف يسير في ألفاظه.
وفي
الحديث ما يدل على أن طائفة من الجن قد فهموا القرآن، حيث علموا أنه: ﴿ يَهْدِي
إِلَى الرّشْدِ ﴾ 43
وآمنوا به، فكيف لا يفهمه البشر وقد نزل القرآن بلسانهم؟!
والحديث
أيضاً شاهد على أن الذين يطلبون الهدى في غير القرآن فلا يهديهم الله إلى صراط
مستقيم، فهل يجوز أن يقال الرجوع إلى القرآن لطلب الهدى باطل أو عبث بلا فائدة؟!
فالحق
أن القرآن نزل بياناً للناس ليفهموا معالمه وليعرفوا مقاصده، ومع ذلك جائز أن يقال:
إن لفهم دقائق القرآن ومعرفة نكته، درجات ومراتب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم
في أعلى درجته، وعلي
عليه السلام في مرتبة سامية منه، ولهذا لما سئل: هل
عندكم (أهل البيت)كتاب؟ (أي كتاب خاص بكم) قال: «لا، إلا
كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه
الصحيفة؟...الحديث»
رواه البخاري في صحيحه(60)،
ورواه الكاشاني في تفسيره ولفظه: «إلا أن
يؤتي الله عبداً فهماً في القرآن»(61).
وهذا
يدل على جواز استخراج العبد المسلم من القرآن ما لم يفهمه
غيره.
و
روي أيضاً عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «من فهم
القرآن فسر جمل العلم»(62).
وعن
أبي حمزة الثمالي، عن
أبي جعفر الباقر
عليه
السلام قال: قال أمير
المؤمنين (علي
بن أبي طالب) عليه
السلام:
«ألا
أخبركم بالفقيه حقاً؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين! قال: من لم يقنط الناس من رحمة
الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبةً
عنه إلى غيره. ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر،
ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه»(63).
فحاصل
الكلام أن القرآن الكريم قد نزل من عند الله جل وعلا ليعرفه الناس ويتدبروه ويهتدوا
به، فمن كان سعيه في هذا المجال أكثر، كان حظه من القرآن أوفر. وذلك ما عرفناه من
كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه ورحمته وبركاته.
+++ |
َرْتِيْبُ
سُوَرِ القُرْآنِ في مُصْحَفِ عليٍّ عليه السلام |
+++ |
ترتيب
الآيات في كل سورة من القرآن كان بتعيين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيفه،
ولم يكن مجالاً للرأي والاجتهاد فيه، وأما ترتيب السور على ما هو عليه الآن، فلم
يكن توقيفياً كله، بل كان كثير منه باجتهاد من الصحابة، يدل عليه أن مصاحف الصحابة
مثل مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه ومصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومصحف علي
بن أبي طالب عليه السلام كانت مختلفة في ترتيب السور. والمصاحف تكتب لأجل تلاوتها
فكما يجوز أن تتلى السور في المصاحف على غير ترتيب نزولها فكذلك جائز كتابتها على
غير ذلك الترتيب.
ومع
هذا فإن احترام ترتيب السور على النمط الذي نراه اليوم أمر واجب لأنه وقع عن إجماع
الصحابة، ووافقهم على ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام.
فأما
مصحف علي عليه
السلام الذي
كتبه بخطه فقد رآه من المصنفين الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن قاسم بن إبراهيم بن
إسماعيل بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه
السلام من
أئمة الزيدية،
الذي
توفى سنة 298 من الهجرة, فذكر في كتابه المسمى بـ"الأحكام" أنه
وجد مصحف علي عليه السلام عند عجوز من آل الحسن (سبط النبي صلى
الله عليه وآله وسلم)
عليه
السلام فكان على ما في أيدي الناس(64).
وفي المائة الرابعة قد رأى محمد بن إسحاق النديم أيضاً مصحفاً بخط علي بن أبي طالب
عليه
السلام عند
أبي يعلى الحسني وأخبر بذلك في كتابه المسمى بـ"الفهرست"
فقال:
"ورأيت
أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسني رحمه الله مصحفاً قد سقط منه أوراق بخط علي
بن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مر
الزمان
وهذا ترتيب السور من ذلك المصحف(65)..".
ومما
يستدعي الأسف فقدان
ذكر ذلك الترتيب من كتاب "الفهرست" في جميع النسخ التي وصلت إلينا ومع هذا يوجد ترتيب
نزول السور برواية أمير المؤمنين علي عليه السلام في آثار المتأخرين من العلماء كما
جاء في تفسير "مجمع البيان" لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (من علماء
الإمامة في القرن السادس) وفي تفسير "مفاتيح
الأسرار ومصابيح الأبرار" لمحمد بن عبد الكريم
الشهرستاني (من أعلام المائة السادسة) وفي كتب غيرها على اختلاف في ترتيب بعض
السور.
و
نحن نرجح الترتيب الذي روي
عن
علي عليه السلام في الجزء الأول من كتاب
"مقدمتان
من علوم القرآن" على غيره لأن مصنفه قد أورد
رواية الإمام
عليه
السلام من
دون تقطيعها،
بخلاف
الشيخ أبي علي الطبرسي،
فإنه ذكر شطراً منها وحذف الباقي(66).
وأما رواية الشهرستاني عن مقاتل بن سليمان عن علي عليه السلام ففيها أخطاء كثيرة
تمنعنا
عن
الاعتماد عليها.
فالمصنف
المشار إليه (وهو أحد علماء المغاربة) روى بإسناده عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي
طالب عليه
السلام أنه
قال: «سألت النبي
صلى
الله عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن فأخبرني بثواب كل سورة على نحو ما أنزلت من
السماء وبأن أول ما أنزل عليه بمكة فاتحة الكتاب, ثم:
إقراء باسم ربك, ثم: ن والقلم,
ثم:
يا أيها المدثر, ثم: يا أيها المزمل, ثم: إذا الشمس, ثم: سبح اسم ربك, ثم: والليل,
ثم: والفجر, ثم: والضحى, ثم: ألم نشرح, ثم والعصر, ثم: والعاديات, ثم: الكوثر, ثم:
ألهاكم,
ثم: أرأيت, ثم: الكافرون, ثم ألم(67)،
ثم: الفلق, ثم: الناس, ثم: الإخلاص, ثم: عبس, ثم: إنا أنزلناه, ثم: والشمس, ثم:
البروج, ثم: والتين, ثم: لإيلاف, ثم: القارعة, ثم: القيامة, ثم: همزة, ثم:
المرسلات, ثم: البلد, ثم: الطارق, ثم: الساعة, ثم: ص, ثم: المص, ثم: قل
أوحى,
ثم: يس, ثم: الفرقان, ثم: الملائكة, ثم: كهيعص, ثم: طه, ثم: الواقعة, ثم: الشعراء,
ثم: النمل,
ثم: القصص, ثم: سبحان, ثم: يونس, ثم: هود, ثم: يوسف, ثم: الحجر, ثم: الأنعام, ثم:
الصافات, ثم: لقمان, ثم: سبأ, ثم: الزمر, ثم: الحواميمات يتبع بعضها بعضاً, ثم:
الذاريات, ثم: الغاشية, ثم: الكهف, ثم: النخل, ثم: إنا أرسلنا, ثم: إبراهيم, ثم:
الأنبياء, ثم: المؤمنون, ثم: الم السجدة, ثم: والطور, ثم: الملك, ثم: الحاقة, ثم:
سأل سائل, ثم: عم يتساءلون, ثم: النازعات, ثم: انفطرت, ثم: الروم, ثم: العنكبوت,
ثم: المطففين, ثم: انشقت.
وما
أنزل
بالمدينة أول سورة: البقرة, ثم: الأنفال, ثم: آل عمران, ثم: الأحزاب, ثم: الممتحنة,
ثم: النساء, ثم: إذا زلزلت, ثم: الحديد, ثم: سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم,
ثم: الرعد, ثم: الرحمن, ثم: هل أتى, ثم: الطلاق, ثم: لم يكن, ثم: الحشر, ثم: إذا
جاء نصر الله, ثم: النور, ثم: الحج, ثم: المنافقون, ثم: المجادلة, ثم: الحجرات, ثم:
التحريم, ثم: الجمعة, ثم: التغابن, ثم: الفتح, ثم: المائدة, ثم: التوبة, ثم: النجم,
فهذا ما أنزل بالمدينة(68)
الحديث»(69).
أقول:
إن هذه الرواية من أهم الروايات في ترتيب السور القرآنية كما أنزلت من
السماء،
ومع
الأسف قد وقع فيها نقص
وخلل،
حيث لا يوجد فيها سورة المسد (ومكانها بعد المزمل)(70)
وسورة
الصف (وموضعها بعد التغابن)
(71)
ووضعت سورة "النجم" في آخرها وهي مكية نزلت بعد سورة الإخلاص كما روي
في مجمع البيان(72)
وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه وقد نزلت سورة هود أيضاً قبل سورة يونس كما يشهد عن
ذلك بعض آياتهما(73).
وفي
ظني أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام جمع القرآن مرتين، مرة جمعه على ترتيب
نزوله وأخرى على النمط الذي نراه اليوم في المصاحف كما شهد عليه الهادي يحيى بن
الحسين في المائة الثالثة وقال كان مصحفه عليه السلام على ما في أيدي
الناس.
وروى
اليعقوبي جمعاً ثالثاً لأمير المؤمنين عليه
السلام
جزء فيه القرآن على سبعة أجزاء(74).
والله تعالى أعلم.
+++ |
ما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام في تفسير فاتحة
الكتاب |
+++ |
سورة
الفاتحة أول سورة مكية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما وجدناه في
رواية الإمام علي عليه السلام حيث قال: «أول ما أنزل عليه صلى اله عليه وآله وسلم في مكة فاتحة
الكتاب»(75).
وإليك
ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في شأن هذه السورة
المباركة:
1-
أخرج الدارقطني
والبيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير قال سئل
علي
رضي الله عنه
عن
السبع المثانى فقال: ﴿ الحمد
لله رب العالمين ﴾ 43، فقيل له
إنما هي ست آيات!
فقال:
«بسم
الله الرحمن الرحيم آية»(76).
أقول:
يؤيد هذا القول ما روي
عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا
قرأتم الحمد فاقرؤا
﴿ بِسْمِ
اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ 43
إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثانى وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى
آياتها ﴾ 43
أخرجه الدارقطني
وصححه، والبيهقي
في السنن»(77).
ومن
طريق الإمامية روى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي بإسناده عن أمير المؤمنين
علي عليه السلام أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن الله عز وجل قال لي:
يا محمد! ﴿ وَلَقَدْ
آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ 43
(78)،
فأفرد
الامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما
في كنوز العرش»(79).
قلت
ويؤيد ذلك أيضا جهر علي عليه السلام بالبسملة في الفاتحة وفي كل سورة كما رواه
السيوطي في الدر المنثور فقال:
وأخرج
البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل قال: سمعت علي بن
أبي طالب، وعمار يقولان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات
بـ﴿ بسم
الله الرحمن الرحيم ﴾ 43
في فاتحة الكتاب.
وأخرج
الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال: "كان النبي
يجهر ب ﴿ بسم
الله الرحمن الرحيم ﴾ 43
في السورتين جميعا.
وأخرج
الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال: قال النبي"كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة؟
قلت
﴿ الحمد
لله رب العالمين ﴾ 43
قال: قل
﴿ بسم
الله الرحمن الرحيم ﴾ 43
(80).
وروى
ابن بابويه القمي في كتاب "التوحيد" أن رجلاً سأل علي بن الحسين عليهما السلام عن معنى
"
﴿ بِسْمِ
اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ 43؟
فقال: حدثني أبي عن أخيه الحسن عليه السلام عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام أن
رجلاً قام
إليه فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن بسم الله الرحمن الرحيم ما معناه؟ فقال:
إن
قولك
«الله»
أعظم اسم من أسماء الله عز وجل، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله، ولم
يتسم به مخلوق ﴾ 43.
فقال الرجل: فما تفسير قوله «الله»؟ قال:
﴿ هو
الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من هو
دونه وتقطع الأسباب من كل من سواه، وذلك أن كل مترئس في هذه الدنيا ومتعظم فيها وإن
عظم غناؤه وطغيانه وكثرت حوائج من دونه إليه فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها
هذا المتعاظم وكذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها فينقطع إلى الله عند
ضرورته وفاقته حتى إذا كفى همه عاد إلى شركه أما تسمع الله عز وجل يقول:
﴿ قُلْ
أرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَيْرَ
اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما
تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ ﴾ 43،
فقال
الله عز وجل لعباده أيها الفقراء إلى رحمتي إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال
وذلة العبودية في كل وقت فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه وترجون تمامه وبلوغ
غايته فإني إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم وإن أردت أن أمنعكم لم يقدر
غيري على إعطائكم فأنا أحق من سئل وأولى من تضرع إليه فقولوا عند افتتاح كل أمر
صغير أو عظيم بسم الله الرحمن الرحيم أي أستعين على هذا الأمر بالله الذي لا يحق
العبادة لغيره، المغيث إذا استغيث، المجيب إذا دعي، الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق
علينا، الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا، خفف علينا الدين وجعله سهلاً
خفيفاً، وهو يرحمنا بتميزنا من أعدائه. ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: «من
حزنه أمر تعاطاه فقال بسم الله الرحمن الرحيم وهو مخلص لله يقبل بقلبه إليه لم ينفك
من إحدى اثنتين إما بلوغ حاجته في الدنيا وإما يعد له عند ربه يدخر لديه وما عند
الله خير وأبقى للمؤمنين»(81).
أقول: الرحمن والرحيم كلمتان مأخوذتان من
الرحمة، والرحيم أرق من الرحمن، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "فالرحيم
أرق من الرحمن وكلاهما رفيقان(82)".
وهذا المعنى بين في كلام الإمام عليه
السلام، حيث حمل معنى الرحمن على الذي يرحمنا ببسط الرزق علينا، والرحيم على من
يرحمنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا بالتسهيل علينا والتخفيف عنا، كما قال الله عز
وجل في كتابه: ﴿ يُرِيدُ
اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ 43
[النساء:28].
ولا
يخفى أن الرقة من صفات الخلق ولا يوصف بها الخالق فالمراد بالرقة في الحديث: آثارها
من الإنعام والتخفيف والعفو كما قال الإمام علي عليه السلام في شأنه سبحانه: «بصير لا يوصف بالحاسة،
رحيم لا يوصف بالرقة»(83).
2-
روي
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: «الرحمن الرحيم ينفي بهما
القنوط عن خلقه»(84).
3-
وأخرج البيهقي عن علي
قال:
«بعث
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سريةً من
أهله فقال: اللهم لك علي إن رددتهم سالمين أن أشكرك حق شكرك. فما لبثوا أن جاؤا
سالمين،
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الحمد
لله»
على سابغ نعم الله.
فقلت: يا رسول
الله! ألم تقل
إن ردهم الله أن أشكره حق شكره، فقال:
أو
لم أفعله؟!».
أقول:
المراد من "الحمد" الشكر الكامل تارةً، والثناء التام تارةً أخرى،
كما روي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «ليس شيء أحب إلى الله
تعالى من الحمد ولذلك أثنى على نفسه فقال: الحمد لله»(85).
4-
قال
أبو الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسير قوله تعالى: ﴿ اهدِنَا
الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ 43
(رووا عن أمير المؤمنين عليه السلام أن معناه: ثبتنا» 43(86).
5-
وقال
الطبرسي: قيل في معنى "الصراط المستقيم" وجوه:
أحدها:
أنه "كتاب الله" وهو المروي عن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم(87).
أقول:
أشار الشيخ أبو علي إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رواية علي عليه
السلام حيث قال: «..كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، (إلى
قوله):...وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم»(88).
ويؤيده
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ 43
[الإسراء:9]
﴿ وَهَذَا
صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ﴾ 43
[الأنعام:126]
﴿ وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ 43
[الأنعام:153].
وقد
فسر "الصراط المستقيم"، في كتاب الله عز وجل، بالعبودية الخالصة كما قال
سبحانه: ﴿ وَأَنْ
اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ 43
[يس:61].
ولما قال إبليس لعنه الله: ﴿ ..لأُزَيِّنَنَّ
لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ
الْمُخْلَصِينَ ﴾ 43
كان جواب الله تعالى له: ﴿ قَالَ:
هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ ﴾ 43
[الحجر:39-42]،
ولا شك أن هذه النعمة السامية والدرجة الرفيعة هي التي أنعم الله عز وجل بها على
أنبيائه المقربين، وعباده الصالحين ولذلك قال تعالى: ﴿ صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ﴾ 43
[الفاتحة:7].
6-
روى
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي في كتابه "معاني الأخبار" بإسناده عن الحسن بن علي بن
محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه
السلام في قول الله عز وجل:
﴿ صِراطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ 43:
أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال الله
عز وجل فيهم: ﴿ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
أُولئِكَ رَفِيقاً ﴾ 43
[النساء:69]،
وحكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين عليه السلام.
7-
و
روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: ﴿ إن
الله أمر عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم وهم [النبيون] والصديقون والشهداء
والصالحون، وأن يستعيذوا من طريق المغضوب عليهم، وهم اليهود الذين قال الله تعالى
فيهم:
﴿ قُلْ
هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ
اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ
الطَّاغُوتَ ﴾ 43
[المائدة:60].
وأن
يستعيذوا أيضاً من طريق الضالين وهم الذين قال الله فيهم:
﴿ قُلْ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ
تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا
وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ﴾ 43
[المائدة:77]
وهم
النصارى.
وقال عليه
السلام: «كل
من كفر بالله فهو مغضوب عليه، وضال عن سبيل الله»(89).
أقول:
ذكر اليهود والنصارى في تفسير المغضوب عليهم والضالين جاء من باب تعيين المصاديق
وتطبيق الموارد ولا شك "إن المورد لا يخصص
الوارد".
8-
و
روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: «قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: قال الله عن وجل: قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي نصفين. فنصفها
لي ونصفها لعبدي. ولعبدي ما سأل. إذا قال العبد: "بسم الله الرحمن
الرحيم"،
قال جل جلاله: بدأ عبدي باسمي وحق علي أن أتمم له أموره وأبارك له في أحواله. فإذا
قال العبد: "الحمد لله رب العالمين". قال الله جل جلاله:
حمدني عبدي وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي دفعت عنه بطولي أشهدكم
أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا
الدنيا. فإذا قال "الرحمن الرحيم" قال الله جل جلاله:
شهد لي عبدي أني الرحمن الرحيم أشهدكم لأوفرن من رحمتي حظه ولأجزلن من عطائي نصيبه.
فإذا قال "مالك يوم الدين" قال الله جل جلاله:
أشهدكم كما اعترف أني أنا مالك يوم الدين لأسهلن يوم الحساب حسابه ولأتجاوزن عن
سيئاته. فإذا قال: "إياك نعبد" قال الله عز وجل: صدق عبدي إياي يعبد أشهدكم لأثيبنه على
عبادته ثواباً يغبطه كل من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: "وإياك
نستعين"
قال الله عز وجل: بي استعان عبدي والتجأ إلي أشهدكم لأعيننه على أمره ولأغيثنه في
شدائده، ولآخذن بيده يوم نوائبه، فإذا قال: "اهدنا الصراط المستقيم
إلى آخر السورة"، قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فقد استجبت لعبدي
وأعطيته ما أمل وآمنته مما منه وجل»(90).
+++ |
ما رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام
في آية الكرسي |
+++ |
قال
الله تعالى ﴿ اللّهُ
لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ
يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ ﴾ 43
[البقرة:255].
أخرج
ابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال: سيد آي القرآن
﴿ الله
لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ 43.
وأخرج
البيهقي عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. يقول: «من قرأ آية الكرسي في دبر
كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، ومن قرأها حين يأخذ مضجعه أمنه الله على
داره ودار جاره، وأهل دويرات حوله».
وأخرج
أبو عبيد وابن أبي شيبة والدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس عن علي رضي الله عنه
قال: ما أرى رجلا ولد في الإسلام أو أدرك عقله الإسلام
يبيت أبداً حتى يقرأ هذه الآية
﴿ الله
لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ 43
ولو تعلمون ما هي، إنما أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش، ولم يعطها أحد قبل نبيكم،
وما بت ليلة قط حتى أقرأها ثلاث مرات، أقرؤها في الركعتين بعد العشاء الآخرة، وفي
وتري، وحين آخذ مضجعي من فراشي ﴾ 43
(91).
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تَفْسِيرِ الحُرُوفِ
المقَطَّعَة |
+++ |
اختلف
المفسرون في تفسير الحروف المقطعة التي جاءت في مفتتح بعض السور وأحسن الأقوال فيها
وأصوبها قول أمير المؤمنين علي
عليه
السلام حيث قال أنها تشير إلى
"أسماء الله عز وجل" فكان يدعو الله تعالى بها في حروبه ودعواته كما
رواه نصر بن مزاحم المنقري في كتاب "وقعة
صفين" عن الأصبغ بن
نباتة(92) قال:
"ما كان علي عليه
السلام في قتال قط إلا نادى:
كهيعص"(93).
وأخرج ابن
ماجة في تفسيره من طريق نافع عن
أبي نعيم القارئ عن
فاطمة(94) بنت علي
بن أبي طالب عليه السلام أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول: "يا كهيعص اغفر لي"(95). رواه ابن
جرير الطبري أيضاً بسند آخر في تفسيره(96).
ويؤيد هذا
القول ما أخرجه ابن مردويه عن أبي صالح عن أم هانئ (أخت علي بن أبي
طالب
عليه
السلام) عن الرسول
صلى
الله عليه وآله وسلم في قوله: "كهيعص" قال:
كاف,
هاد, أمين(97),
عالم,
صادق(98).
و من طريق
الإمامية روى محمد بن علي بن حسين بن بابويه في كتاب "معاني الأخبار" وكتاب "التوحيد"
بإسناده عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: جاء
يهودي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه
السلام فقال:
ما الفائدة في حروف الهجاء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي أجبه
وقال: اللهم وفقه وسدده. فقال علي بن أبي طالب: ما من حرف إلا وهو اسم من أسماء
الله عز وجل...
الحديث(99).
وقال
الميبدي في
تفسيره: "كان
يحلف بكهيعص أمير المؤمنين علي"(100).
والحلف لا يكون إلا بأسماء الله تعالى.
وأما ما
حكي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
«إن
لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي»(101). فإنه لا
ينافي تفسيره
عليه السلام هذه
الحروف, بأسماء الله، لأن
الصفوة من كل شيء خالصه ومصطفاه, ومن القرآن الكريم أسماء الله عز وجل التي هي
مفتاح معرفته ووسيلة دعائه وعبادته. قال الله تعالى: ﴿ وَلِلّهِ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ 43
[الأعراف:180].
وقد تكلمت
العرب بالحروف المقطعة كقول شاعرهم:
قلنا لها
قفي, فقالت قاف! لا تحسبني أنا نسينا الإيجاف(102)، والقاف
في هذا البيت تدل على كلمة "وفقت" فدلت المرأة بتكلم القاف على تمام مرادها, كذلك كل
حرف من الحروف المقطعة في كلام الله يدل على اسم كامل من أسماء الله جل وعلا.
وهذا
التفسير أليق بكتاب الله تعالى وأنسب من غيره, وإلى هذا ذهبت جماعة من أصحاب النبي
صلى الله عليه وآله وسلم, منهم عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله
عنهما, قالوا: كل حرف من
الحروف المقطعة "اشتق من حروف هجاء أسماء الله جل ثناءه", كما رواه الطبري عنهم في تفسيره(103)،
وأما سائر الأقوال
فهي
من الظنون التي لا
دليل عليها مثل ما قيل أنها رموز بين الله تعالى ورسوله!
ولا محل للرموز في كتاب الله المبين الذي أنزله سبحانه هدى للناس ويسره للذكر وقال:
﴿ أَفَلاَ
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ؟ ﴾ 43
[النساء:82]، وقال:
﴿ ..
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴾ 43
[النساء:174].
ما رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام
في مُتَشابِهاتِ القُرْآن |
+++ |
لا
خلاف بين المسلمين أن للقرآن الكريم محكماً ومتشابهاً كما قال الله عز وجل:
﴿ هُوَ
الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ
الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء
تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ 43
[آل
عمران:7].
واختلف
المفسرون من المسلمين في معنى المحكم والمتشابه فاشتهر بينهم أن المحكم في القرآن
ما لا يحتمل من المعنى إلا وجهاً واحداً، والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعداً من دون
ترجيح أحدهما على غيره! وغفلوا عن ذكر القرائن (المتصلة والمنفصلة) في القرآن
النافية عنه التشابه والإبهام! ونسوا أن الكتاب الذي يحتمل وجوهاً من المعاني
المتعارضة لا يكون هادياً للناس ولا يرشدهم إلى الصواب بل يوقعهم في التيه والحيرة
وذلك ينافي قوله العزيز: ﴿ هَذَا
بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ 43
[آل
عمران:138]،
وقوله تعالى: ﴿ ..
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ 43
[آل
عمران:103]
وأمثال هذه الآيات.
وأما
أمير
المؤمنين علي
عليه السلام فإنه ذهب إلى أن المتشابه في القرآن الحكيم هو الذي يبحث عن "الغيب المحجوب" كصفات الرب وأسرار ملكوته (جل وعلا) وما حجب الله
تعالى عن العباد علمه(104).
وذهب
الإمام عليه
السلام أيضا إلى أن الراسخين في العلم يؤمنون بمتشابه القرآن ولا يعلمون تأويله،
لأنه مما استأثر الله تعالى بعلمه(105)،
كما رواه محمد بن علي ين بابويه القمي في كتابه "التوحيد"
والشريف الرضي في "نهج البلاغة". قال ابن أبي الحديد في شرح نهج
البلاغة:
«روى
مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمد عليه
السلام أنه
قال: خطب
أمير المؤمنين بهذه الخطبة على منبر الكوفة، وذلك
أن رجلاً أتاه فقال: يا
أمير المؤمنين صف لنا ربنا مثل ما نراه عياناً لنزداد له حباً وبه
معرفةً، فغضب
ونادى الصلاة جامعةً! فاجتمع
إليه الناس حتى غص المسجد بأهله، فصعد
المنبر وهو مغضب متغير اللون، فحمد
الله وأثنى عليه وصلى على النبيص ثم
قال:
﴿ الحمد
لله الذي لا يفره المنع والجمود ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معط منتقص سواه
وكل مانع مذموم ما خلاه، وهو المنان بفوائد النعم وعوائد المزيد والقسم، عياله
الخلائق، ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم، ونهج سبيل الراغبين إليه والطالبين ما لديه
وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل، الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله
والآخر الذي لم يكن له بعد فيكون شيء بعده، والرادع أناسي الأبصار عن أن تناله أو
تدركه، ما اختلف عليه دهر فيخلف منه الحال ولا كان في مكان فيجوز عليه
الانتقال...
(إلى
أن وصل إلى قوله):
فانظر
أيها السائل فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به واستضئ بنور هدايته، وما كلفك
الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنة النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله سبحانه، فإن ذلك منتهى حق الله عليك.
واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب،
الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن
تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه
رسوخاً، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من
الهالكين»(106).
أقول
مما يؤيد هذا الكلام المتين والنص الجلي قوله تبارك وتعالى: ﴿ ..
فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ﴾ 43
[آل
عمران:7]
فلو لم يكن تأويل المتشابه مما استأثر الله بعلمه، لما ذم الله سبحانه طائفةً على
طلب تأويل المتشابه، واقتصر بذمهم على ابتغائهم الفتنة فحسب(107).
وهذا امر دقيق يفهم من كتاب الله(108)،
فتدبر واغتنم.
+++ |
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ في تفْسِير تَكْليمِ اللهِ
تَعَالى |
+++ |
إن
الله عز وجل كلم من اصطفى من عباده على وجوه مختلفة، منها على صورة الإلهام أو
الوحي في النوم أو اليقظة، ويسمى هذا "وحي
القلوب". ومنها على وجه النداء والنقر في
الآذان. ومنها على هيئة الإيحاء بسبب الملائكة كما قال جل ذكره في كتابه الكريم:
﴿ وَمَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ
يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ
حَكِيمٌ ﴾ 43
[الشورى:51]
ونعرف
وجهاً آخر من كلامه سبحانه يسمى "الكلام
التكويني" وإليه أشار في قوله تعالى:
﴿ ..
فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا
طَائِعِينَ ﴾ 43
[فصلت:11]
وفي قوله: ﴿ إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ 43
[يس:82]
وفي قوله تعالى: ﴿ وَقِيلَ
يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي ﴾ 43
[هود:44]
وأمثال هذه الآيات.
وأما
أمير
المؤمنين علي عليه السلام فقد
فسر تكليم الله - جل شأنه - في خطبه بما لا مزيد عليه من السداد، فقال عند تلاوته:
﴿ رِجَالٌ
لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ 43
[النور:37]:
«وما
برح لله عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم
وكلمهم في ذات عقولهم»(109).
فعبر
عليه
السلام عن وعاء الإلهام "بالفكر والعقل" دون "القلب
والفؤاد" لأن الإلهام يتعلق بوعاء الذهن وذلك
من دقائق تعبيره.
ثم
قال عليه السلام في خطبة أخرى من خطبه الجليلة: «الذي
كلم موسى تكليماً وأراه من آياته عظيماً، بلا جوارح ولا أدوات، ولا نطق ولا
لهوات»(110).
وهذا
وجه آخر من تكليم الله تعالى فإنه ينادي عبده من وراء حجاب الغيب فيسمع نداءه،
والله تعالى لا يقاس بخلقه ولا يحتاج إلى جوارح النطق وأدوات
البيان.
ثم
قال عليه
السلام في خطبة أخرى عند وصف الملائكة الحاملين لوحيه إلى رسله:
«..تسبح
جلال عزته، لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه، ولا يدعون أنهم يخلقون شيئاً معه
مما انفرد به(111)،
﴿ بَلْ
عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ
يَعْمَلُونَ ﴾ 43
(112)،
جعلهم
الله فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه وحملهم إلى المرسلين ودائع أمره
ونهيه» 43(113).
وقال
الإمام عليه
السلام في
تفسير قوله تعالى: ﴿ كُنْ
فَيَكُونُ ﴾ 43
وهو طور آخر من كلامه العزيز: «يقول
لمن أراد كونه كن فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه
أنشأه ومثله، لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان إلهاً
ثانياً!»(114).
فانظر
في هذا التفسير فإنه من كنوز العلم وطرائف الحكمة.
ما
رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تفسِيْرِ سُورةِ
التَّوْحِيْدِ |
+++ |
كان
علي عليه السلام يحب ذكر وحدانية الله حباً شديداً فجعل هذا الذكر فاتحة كلامه
وغاية مرامه، ولأجل ذلك كان يقرأ في أكثر صلواته سورة التوحيد أو الإخلاص. فقد أخرج
علي بن الحسين بن بابويه القمي في كتاب "التوحيد"
بإسناده عن عمران بن حصين(115)
أن النبي
ص
بعث
سريةً واستعمل عليها علياً عليه
السلام فلما
رجعوا سألهم فقالوا: كل
خير غير أنه قرأ بنا في كل صلاة بقل هو الله أحد! فقال (رسول الله): يا علي! لم
فعلت هذا؟؟ فقال: لحبي لقل هو الله أحد. فقال النبي
صلى
الله عليه وآله وسلم:
«ما
أحببتها حتى أحبك الله عز وجل»(116).
ثم
فسر أمير
المؤمنينع
هذه السورة للمسلمين لما سألوه عنها، كما روي في تفسير "مجمع البيان"
عن عبد خير، قال: سأل رجل علياً
عليه السلام عن
تفسير هذه السورة، فقال:
«قل
هو الله أحد: بلا تأويل عدد. الله الصمد: بلا تبعيض بدد. لم يلد: فيكون موروثاً
هالكاً. ولم يولد: فيكون إلهاً مشاركاً. ولم يكن له كفوًا من خلقه أحد»(117).
وبين
عليه السلام أيضا مفهوم وحدانية الله الذي جاء في هذه السورة الكريمة، كما روى ابن
بابويه القمي في كتابه "معاني الأخبار" وكتابه "التوحيد"
بإسناده عن المقدام بن شريح الهانئ عن أبيه(118)،
قال: إن
أعرابياً قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه
السلام فقال
يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟ قال فحمل الناس عليه، قالوا يا أعرابي أما
ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟! فقال أمير المؤمنين عليه
السلام:
دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: يا أعرابي إن القول
في أن الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، ووجهان
يثبتان فيه. فأما اللذان لا يجوزان عليه: فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد،
فهذا ما لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد أما ترى أنه كفر من قال
ثالث ثلاثة، وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز
عليه لأنه تشبيه وجل ربنا عن ذلك وتعالى. وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه: فقول
القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه كذلك ربنا، وقول القائل إنه عز وجل أحدي
المعنى يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل
43(119).
وقال
عليه
السلام في
بعض خطبه: «ولا صمده
من أشار إليه وتوهمه»(120).
أي ما قصد الله تعالى من أشار إليه بإشارة حسية أو وهمية. والصمد هو الذي يقصد إليه
عند الحوائج.
و
روي
عن
علي عليه
السلام أيضاً أنه قال: «الصمد
الذي ليس فوقه أحد»(121).
ولا منافاة بين الأمرين، فالصمد: هو المقصود إليه في الحوائج الذي ليس فوقه
أحد، جل ذكره تعالى.
في
تفسيره قوله تعالى: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ
وَالْبَاطِنُ |
+++ |
روي عن
عاصم بن حميد(122)
أنه
قال:
سئل علي بن الحسين
عليه
السلام عن التوحيد
فقال:
«إن
الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى قل هو الله
أحد والآيات من سورة الحديد إلى قوله وهو عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد
هلك!»(123).
أقول: ومن
تلك الآيات قوله العزيز: «هو
الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم»
[الحديد:3]. وقد
فسرها أمير المؤمنين علي عليه السلام في خطبه بأحسن ما ينبغي أن يفسر فقال عليه
السلام: «الحمد
لله الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده، والظاهر فلا شيء فوقه، والباطن
فلا شيء دونه»(124).
وهذا
الذي ذكره علي من تفسير الآية هو الذي فسره رسول الله ص
بعينه
كما رواه الترمذي في سننه
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في أثناء دعائه: «...أنت
الأول فليس قبلك شيء. وأنت الآخر فليس بعدك شيء. والظاهر فليس فوقك شيء، والباطن
فليس دونك شيء. اقض عني الدين وأغنني من الفقر»(125).
أقول:
جاء "الظاهر" في هذا التفسير بمعنى "الغالب"، كما
قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿ فَأَيَّدْنَا
الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ 43
[الصف:14].
ولأمير
المؤمنين عليه السلام في معنى الظاهر والباطن تفسير آخر أورده في بعض خطبه حيث قال:
«الظاهر
بعجائب تدبيره للناظرين والباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين»(126).
وقال
أيضاً: «ظهر
للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم»(127).
فالمراد
من الظهور في هذا الكلام المنير، ما يقابل الخفاء والكمون، ولا منافاة بين
التفسيرين، فإن لفظ الآية يشملهما.
تفسير عليٍّ لقوله تعالى:
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾ 43 |
+++ |
مما
نزل في سورة الحديد قوله العزيز: ﴿ وَهُوَ
مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ 43
[الحديد:4]،
وقد أخرج إبراهيم ابن محمد الثقفي الكوفي في كتاب "الغارات" عن
الحارث ابن عبد الله الأعور(128):
«أن
علياً عليه
السلام دخل
يوماً (من أيام خلافته) السوق فقال: يا معشر اللحامين من نفخ منكم في اللحم فليس
منا فإذا هو برجل موليه ظهره فقال كلا والذي احتجب بالسبع فضربه علي
عليه
السلام على
ظهره ثم قال: يا لحام! ومن الذي احتجب بالسبع؟؟ قال: رب العالمين يا أمير المؤمنين!
فقال له: أخطأت ثكلتك أمك(129)
إن
الله ليس بينه وبين خلقه حجاب لأنه معهم أينما كانوا. فقال الرجل: ما كفارة ما قلت
يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت. قال (اللحام): أطعم المساكين؟
قال (علي): لا إنما حلفت بغير ربك!»(130).
ثم
إن علياً عليه السلام فسر للمسلمين
معية الله تعالى في خطبه الجليلة فقال:
«مع كل شيء لا
بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة»(131).
وقال
عليه السلام: «لم
يحلل في الأشياء فيقال هو كائن ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن»(132)
وقال عليه
السلام: «قريب
من الأشياء غير ملابس، بعيد منها غير مباين»(133)
وقال عليه
السلام: «ليس
في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج»(134)
وقال عليه
السلام: «لم
يقرب من الأشياء بالتصاق ولم يبعد عنها بافتراق»(135).
أقول:
كل هذه التعبيرات
عن
معية الله سبحانه تنبئنا
عن كمال إحاطته بكل شيء،
من دون قياس وتشبيه بالخلق،
كما قال عليه السلام في بعض خطبه: "له
الإحاطة بكل شيء والغلبة لكل شيء والقوة على كل شيء"(136).
وقال
عليه السلام أيضاً: "لا
يشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بالناس. قريب في بعده بعيد في قربه. فوق كل
شيء ولا يقال شيء فوقه. أمام كل شيء ولا يقال له أمام. داخل في الأشياء لا كشيء
داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء، سبحان من هو هكذا ولا هكذا
غيره...
الحديث"(137).
هكذا
كان مذهب أهل البيت عليهم السلام في صفات الله عز وجل ومذهب سلف الأمة رضي الله
تعالى عنهم.
ما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام من تفسير "وَجْهِ
الله" |
+++ |
قد
ورد ذكر وجه الله - تعالى شأنه - في عدة من آيات القرآن الكريم كقوله جل ذكره:
﴿ كُلُّ
مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ
وَالإِكْرَامِ ﴾ 43
[الرحمن:26-27]
وقوله العزيز: ﴿ ..لا
إِلَهَ إِلاّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ ﴾ 43
[القصص:88]،
فتوهم بعض الناس ممن لا يعرف إشارات الكلام أن لله سبحانه وجهاً مغايراً لذاته
(كوجه الإنسان!) فزلت أقدمهم في طريق معرفة الله وسقطوا في مضيق التشبيه، كأنهم لم
يسمعوا قول الله عز وجل: ﴿ ..لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ 43
[الشورى:11].
والإمام
علي عليه السلام رد هذا الزعم الباطل، وأبطل ما ذهب إليه أهل التشبيه وبين وجه الحق
في معنى هذه الآيات. فقد أخرج محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في كتابه "التوحيد"
بإسناده عن سلمان الفارسي رحمة الله في حديث طويل يذكر فيه
قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد وفاة النبي صلى
الله عليه وآله وسلم وسؤاله أبا بكر عن
مسائل لم يجبه عنها ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام فسأله عنها
فأجابه:
«فكان
فيما سأله أن قال له: أخبرني
عن وجه الرب تبارك وتعالى؟
فدعا
علي
عليه
السلام بنار
وحطب فأضرمه، فلما اشتعلت قال علي
عليه
السلام:
أين
وجه هذه النار؟ قال
النصراني:
هي وجه من جميع حدودها! قال
علي عليه
السلام:
هذه
النار مدبرة مصنوعة لا يعرف وجهها وخالقها لا يشبهها ﴿ وَلِلّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ
اللّهِ ﴾ 43
(138)
لا
يخفى على ربنا خافية...
الحديث(139).
و"الوجه" في
كلام العرب ربما يستعمل في معنى حقيقة الشيء وذاته كما يقال: "هذا وجه الأمر وذاك وجه الرأي". وقد جاء في كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام:
"عمي وجه الأمر"(140)
أي خفيت حقيقته.
وقال
عليه السلام: "رجل سمع من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم شيئاً (حديثاً) لم يحفظه على وجهه"(141)
أي على أصله وحقيقته. وقال عليه السلام: "واستظهر زاداً ليوم رحيله ووجه سبيله" أي جهته وطريقه.
فوجه
الله سبحانه وتعالى ذاته الحي الباقي، كما روي
عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في دعائه: «أللهم
إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء... وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء»(142).
هذا
وللوجه معان أخر تطلب في مواردها.
في
تفسيره قوله تعالى: ﴿ وَمِن
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ 43(143) |
+++ |
روى
محمد بن يعقوب الكليني في الكافي عن الإمام أبي عبد الله
جعفر
بن محمد الصادق قال:
«بينا
أمير المؤمنين عليه
السلام يخطب
على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب ذو لسان بليغ في الخطب شجاع القلب
فقال:
يا أمير
المؤمنين هل رأيت ربك؟؟
قال:
ويلك
يا ذعلب ما كنت أعبد رباً لم أره! فقال: يا أمير المؤمنين! كيف رأيته؟! قال: ويلك
يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق
الإيمان...
ثم
بين له علي عليه السلام شطراً مما رأى عقله المنير وقلبه الطاهر من صفات ربه - جل
وعلا - ومن جملته أن قال:
«..وبمضادته
بين الأشياء عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور
بالظلمة واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور، مؤلف بين متعادياتها ومفرق
بين متدانياتها، دالةً بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله تعالى
﴿ وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ 43
[الذاريات:49]
ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له. شاهدة بغرائزها أن لا غريزة
لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب
بينه وبين خلقه..
الخبر»(144).
أقول:
وسع عليه السلام في كلامه معنى ما خلق الله من الزوجين (حيثما ضيقه بعض
المفسرين!)(145)
ليشمل كل شيء! وهذا من دقيق تفسيره وحسن تقريره. واستدل بزوجية الأشياء على أن الله
سبحانه لا ضد له ولا مثيل، وفاقاً للآية الكريمة التي قال تعالى في ذيلها: "لعلكم تذكرون": أي خلقنا الأزواج كلها لتتذكروا فتعرفوا خالقها
بالوحدانية وتعبدوه بالإخلاص له، كما قال عزوجل: ﴿ فَفِرُّوا
إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ. وَلا تَجْعَلُوا مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ 43
[الذاريات:50
و51].
في
تفسيره قوله تعالى: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ﴾ 43
(146) |
+++ |
روى
الشريف الرضي في "نهج البلاغة" أن الإمام علياً عليه
السلام خطب
يوماً من أيام خلافته خطبةً أومأ بها إلى وصف
الأتراك
(أي المغول) وأخبر عن فتنتهم(147)
وكان فيما قاله: «كأني
أراهم قوماً كأن وجوههم المجان المطرقة،
يلبسون
السرق والديباج ويعتقبون الخيل العتاق، ويكون
هناك استحرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول ويكون المفلت أقل من
المأسور.
فقال له
بعض أصحابه: لقد
أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب!
فضحك
عليه
السلام وقال
للرجل -
وكان
كلبياً
-: يا أخا
كلب! ليس هو
بعلم غيب وإنما هو تعلم من ذي علم.
وإنما
علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله:
﴿ إِنَّ
اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي
الأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ
أَرْضٍ تَمُوتُ الآيَةَ ﴾ 43
(148)، فيعلم
الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى وقبيح أو جميل وسخي أو بخيل وشقي أو
سعيد، ومن يكون في النار حطباً أو في الجنان للنبيين مرافقاً. فهذا علم الغيب الذي
لا يعلمه أحد إلا الله وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم
فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري»(149).
أقول:
إن ما فسره أمير المؤمنين عليه السلام من الآية الكريمة، تفسير واسع يوافق سعة علم
الله تعالى. أما من تأول الآية بأن الله يعلم ما في الأرحام "من ذكر وأنثى"
فقد ضيق معنى الآية من غير دليل، وعلم الله - جل ذكره - أوسع من ذلك ﴿ وَمَا
يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ﴾ 43
[إبراهيم:38].
وما
روي عن علي عليه السلام فيما يختص بالله سبحانه من علم الغيب فذلك مثل ما روي عن
رسول اللهص
في هذا الأمر كما أخرجه أحمد في مسنده عن رسول اللهص
أنه قال: خمس لا يعلمهن إلا الله (ثم قرأ): ﴿ إِنَّ
اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي
الأَرْحامِ..
الآية ﴾ 43
(150).
+++ |
في
تفسيره قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ
وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ 43
(151) |
+++ |
روى
الشريف الرضي في "نهج البلاغة" عن أمير
المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: «إن أفضل
ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله،
فإنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة، وإيتاء
الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب، وحج البيت واعتماره
فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنسأة في
الأجل، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء،
وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان»(152).
أقول:
الوسيلة إلى الله تعالى هي ما يتقرب به العبد إليه، ولقد بين أمير
المؤمنين عليه السلام في هذه الخطبة المسماة "بالديباج"
أفضل طريق التقرب إلى الله سبحانه، وهو: الإيمان بالله ورسوله، والتعبد بما شرع
الله من فرائض وأحكام. وأما الذين يدعون من دون الله تعالى آلهةً ليكشفوا عنهم الضر
أو يحولوه عنهم ويزعمون أنها الوسائل إلى الله، فأولئك عن صراط التوحيد لناكبون،
وعن إخلاص العبادة لله تعالى لعادلون، كما يقول الله عز وجل: ﴿ قُلِ
ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ
عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى
رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ
عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ 43
[الإسراء:56-57].
+++ |
في
تفسيره قوله تعالى |
+++ |
قال
الشريف الرضي في "نهج البلاغة": حكى أبو
جعفر محمد بن علي الباقر عليه
السلام، أنه
(أي
أمير
المؤمنين علي عليه السلام) كان
قال:
﴿ كان في
الأرض أمانان من عذاب الله وقد رفع أحدهما فدونكم الآخر، فتمسكوا به. أما الأمان
الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأما الأمان الباقي فالاستغفار،
قال الله تعالى:
﴿ وَما
كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ
وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ 43.
قال
الرضي: وهذا من محاسن
الاستخراج ولطائف الاستنباط(154).
أقول:
روى أبو جعفر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه ما يشبه هذا الكلام، قال: «كان
فيهم أمانان: نبي الله والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبقي
الاستغفار»(155).
والأقرب
أن ابن عباس قد أخذ هذا عن أمير
المؤمنين علي عليه السلام فقد
روي
عن
ابن عباس أنه
قال: «ما أخذت
من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب»(156).
فعلينا
في فقد نبينا وذهاب الأمن الذي كان ببركته، أن نلتجأ إلى الله وحده، ونستغفر
لذنوبنا، عسى ربنا أن يغفر لنا ويدخلنا في ظلال أمنه ورحمته.
+++ |
في
تفسيره لقوله العزيز: ﴿ ..فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ 43
(157) |
+++ |
كتب
أمير
المؤمنين علي عليه السلام كتاباً جامعاً للأشتر النخعي(158)
حين ولاه مصر، رواه الشريف
الرضي في "نهج البلاغة"، وابن شعبة الحراني في كتابه "تحف العقول"،
وجدنا فيه هذا التفسير المنير:
«واردد
إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه
لقوم أحب إرشادهم:
﴿ يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي
الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ ﴾ 43 فالرد إلى
الله الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول، الأخذ بسنته الجامعة غير
المفرقة»(159).
أقول:
إن علياً عليه السلام كان يعمل بهذا العهد في حياته السعيدة، فقد روي
أن
الخوارج خاصموه في أمر التحكيم فقالوا: إنك جعلت الحكم إلى غيرك وقد كنت عندنا أحكم
الناس! ثم ضللت حين حكمت الرجال في دين الله عز وجل! فأجابهم عليه السلام بالكتاب
والسنة فقال:
«وأما
قولكم إني جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس! فهذا رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قد جعل الحكم إلى سعد(160) يوم
بني قريظة وقد كان من أحكم الناس، وقد قال الله تعالى:
﴿ لَقَدْ
كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ 43
(161) فتأسيت
برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قالوا:
وهذه لك
بحجتنا.
قال: وأما
قولكم إني حكمت في دين الله الرجال، فما حكمت الرجال وإنما حكمت كلام ربي الذي جعله
الله حكما ًبين أهله، وقد حكم الله الرجال في طائر فقال: ﴿ وَ مَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ
بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ 43
[المائدة:95] فدماء
المسلمين أعظم من دم طائر(162)!»(163).
فانظر
كيف رد ما تنازع فيه القوم إلى محكم كتاب الله العزيز والسنة النبوية فأتم بهذا
الرد الحجة عليهم وقطع سبيل عذرهم فلا يبقى لهم مفر، ﴿ وَلاتَ
حِينَ مَنَاصٍ ﴾ 43!
+++ |
تفسيره قوله تعالى: ﴿ ..إِن
تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾ 43 |
+++ |
قال
أمير
المؤمنين علي عليه السلام في خطبة له رواها
الشريف الرضي في "نهج البلاغة": «...فالله
الله معشر العباد وأنتم سالمون في الصحة قبل السقم وفي الفسحة قبل الضيق فاسعوا في
فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها. أسهروا عيونكم وأضمروا بطونكم واستعملوا
أقدامكم وأنفقوا أموالكم وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم ولا تبخلوا بها
عنها،فقد قال الله سبحانه:
﴿ إِنْ
تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ﴾ 43
[محمد:7]،
وقال تعالى:
﴿ مَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ
كَرِيمٌ ﴾ 43
[الحديد:11]،
فلم يستنصركم من ذل
ولم يستقرضكم من قل استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم واستقرضكم
وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الحميد وإنما أراد أن يبلوكم أيكم أحسن
عملاً»(164).
أقول:
ربما ظن أحد أن الله سبحانه وتعالى يبلو عباده ليعرفهم ويعلم ما في صدورهم! وهذا
وهم لا يليق بمسلم، قال أمير
المؤمنين علي عليه
السلام في
تفسير قوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُواْ
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ
عَظِيمٌ ﴾ 43
[الأنفال:28]:
«معنى
ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه، وإن كان
سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب
والعقاب»(165).
+
+
+
الباب الثاني
فيما روي
عن عليٍّ عليه السلام
من تفسيرٍ لبعض آيات الأحكام والعبادات
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تعظيم أمر الصلاة |
+++ |
روى الشريف
الرضي رضي
الله عنه في "نهج البلاغة":
عن أمير المؤمنين علي عليه
السلام أنه قال لأصحابه:
«تعاهدوا
أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها
﴿ كانَتْ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ﴾ 43
[النساء:103]، ألا
تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ﴿ ما
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ 43
[المدّثّر:42-
43]، وإنها لتحت الذنوب
حت الورق وتطلقها إطلاق الربق وشبهها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحمة
تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه
من الدرن(166). وقد عرف
حقها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال.
يقول الله سبحانه: ﴿ رِجالٌ
لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإِقامِ الصَّلاةِ
وإِيتاءِ الزَّكاةِ ﴾ 43
[النور:37]. وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصباً بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله
سبحانه: ﴿ وأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها ﴾ 43
[طه:132]، فكان
يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه»(167).
أقول: رواه
الكليني أيضاً في كتاب الجهاد من الكافي عن عقيل الخزاعي(168) أن أمير
المؤمنين عليه السلام كان إذا حضر الحرب يوصي للمسلمين بكلمات فيقول: تعاهدوا
الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها كانت على المؤمنين كتاباً
موقوتاً... (ثم يحرضهم على الجهاد) الحديث(169).
وفي رواية
الكليني هذه اختلاف يسير عما رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة.
هذا وفي
تفسير قول الإمام عليه السلام: «إنها لتحت الذنوب حت الورق» روى الإمام زيد
بن علي عليه
السلام عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي عليهم السلام أنه قال: «الصلوات
الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وهي قول الله عز وجل: ﴿ وَأَقِمِ
الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ 43
[هود:114]»(170).
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في آية الوضوء |
+++ |
1- أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره عن علي
عليه
السلام أنه كان يتوضأ عند كل
صلاة ويقرأ هذه الآية: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ﴾ 43
[المائدة:6](171).
وقال أبو
علي الطبرسي في "مجمع البيان" عند تفسير آية الوضوء: «معناه: إذا أردتم القيام
إلى الصلوة وأنتم على غير طهر (فعليكم الوضوء)... وقيل معناه: إذا أردتم القيام إلى
الصلوة فعليكم الوضوء، عن عكرمة، وإليه ذهب داود (أي الظاهري) قال: كان علي عليه
السلام يتوضأ لكل صلوة ويقرأ هذه الآية. والقول الأول هو الصحيح وإليه ذهب الفقهاء
كلهم وما رووه من تجديد الوضوء فمحمول على الندب والاستحباب»(172).
أقول:
الأمر في آية الوضوء يدل على ترجيح الفعل على تركه وذلك مشترك بين الوجوب والندب
فإذا قمنا إلى الصلوة، وكنا على غير طهر فعلينا أن نتوضأ وجوباً، وإن كنا على طهر
فلنا أن نتوضأ استحباباً لقوله تعالى: ﴿ أَوْ
جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً ﴾ 43
[المائدة:6] فدل كلامه
سبحانه وتعالى على أن الوضوء واجب لمن جاء من الغائط، فوضوء من لم يحدث محمول على
الاستحباب ويؤيد هذا القول ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات"(173).
2- أخرج
محمد بن الحسن الطوسي في كتاب "تهذيب
الأحكام" بإسناده عن أبي جعفر الباقر (عليه
السلام) قال: ما تقولون في المسح الخفين؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: رأيت رسول صلى
الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين. فقال علي عليه السلام: قبل المائدة أو بعدها؟
فقال: لا أدري! فقال علي: سبق الكتاب الخفين، إنما أنزلت المائدة قبل أن يقبض
بشهرين أو ثلاثة(174).
3- روى
السيوطى في "الدر المنثور" عن أبي عبد الرحمن قال: قرأ الحسن والحسين
(وأرجلكم إلى الكعبين) فسمع علي عليه السلام ذلك، - وكان يقضي بين الناس - فقال
(وأرجلكم) هذا من المقدم والمؤخر من الكلام(175).
أقول: أخرج
ابن جرير في تفسيره أصل هذا الخبر بإسناده عن أبي عبد الرحمن (وهو عبد الله بن
عمر(176( 43. وله صورة
أخرى رواها أبو زرعة في كتاب "حجة
القراءات" عن أبي عبد الرحمن قال: كنت أقرأ
أنا والحسن والحسين قريبا من علي عليه السلام وعنده ناس فقرأنا: "وأرجلكم" فقال
رجل: "وأرجلكم" بالكسر، فسمع ذلك علي عليه السلام فقال: ليس كما
قلت.. إلى آخر الخبر(177).
4- قال
تعالى: ﴿ ...
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ 43
[البقرة:222].
أخرج ابن
أبي شيبة عن علي بن أبي طالب: «أنه كان
إذا فرغ من وضوئه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رب
اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين»(178)
ما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير الصلوة الوسطى |
+++ |
حث الله
سبحانه وتعالى عباده في كتابه على عبادته ولاسيما على إقامة الصلوات والمحافظة
عليها فقال عز وجل: ﴿ حَافِظُواْ
عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ
قَانِتِينَ ﴾ 43
[البقرة:238].
فخص الصلوة
الوسطى في هذه الآية تفخيماً لشأنها وتحريضاً على حفظها، فاختلف المفسرون في
تعيينها: فقال بعضهم: هي صلوة الفجر، وقيل هي صلوة الظهر، وقيل أنها صلوة المغرب،
وقيل هي صلوة العشاء.
وروى أبو
على الطبرسى في تفسيره عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: «أنها صلوة
العصر»(179).
أقول: وذلك
لأن صلوة العصر، قبلها صلوة الفجر والظهر، وبعدها صلوة المغرب والعشاء، وهي الوسطى
بين الصلوات. ويؤيد هذا القول ما رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره بإسناده عن علي
عليه السلام قال: «شغلونا يوم الأحزاب عن صلوة العصر حتى سمعت رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم يقول: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم
وقبورهم ناراً»(180).
وأخرج
الطبري بإسناده عن أبي الصهباء البكري قال: سمعت أبا الصهباء البكري يقول: سألت علي
بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى؟ فقال: هي صلاة العصر، وهي التي فتن بها سليمان بن
داود عليهما السلام(181). وروى
الطبري أيضاً بإسناده عن رجل: أرسلني أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة
الوسطى، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال: "هذه
الفجر"، وقبض التي تليها وقال: "هذه الظهر"،
ثم قبض الإبهام فقال: "هذه المغرب"، ثم قبض التي تليها ثم قال: "هذه العشاء"،
ثم قال: "أي أصابعك بقيت؟" فقلت: الوسطى، فقال: "أي صلاة بقيت؟"قلت: العصر، قال: "هي العصر"(182).
+++ |
رأيُ الإمامِ عليه السلام في سَبَبِ نُزُولِ سُوْرَةِ بَرَاءَةَ مِنْ دُوْنِ التَّسْمِيَةِ |
+++ |
يجوز
للمصلي أن يفتتح في صلوته كل سورة من القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم، واستثنيت من
ذلك سورة براءة لأنها نزلت من دون التسمية، وسبب ذلك أن فيها ذكر نبذ عهود المشركين
بما نقضهم ميثاقهم، ولا ريب أن اسم الله تعالى ووصف رحمته للعباد، سلام وأمان فلا
يكتب في النبذ والمحاربة، ولذلك روي
عن ابن عباس رضي الله
عنه أنه قال: سألت علي بن أبي طالب عليه
السلام لم لم تكتب في براءة
بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: «لأنها أمان، وبراءة نزلت بالسيف!». رواه السيوطي في "الدر المنثور"(183) والطبرسي
في "مجمع البيان" ولفظه: «إنه لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لأن
بسم الله الأمان والرحمة وبراءة نزلت لرفع الأمان بالسيف عن علي عليه
السلام»(184).
أقول: فإن
قيل قد كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكفار: "بسم الله الرحمن الرحيم" كما كتب إلى هرقل وغيره! قلنا: إنما كان ذلك
ابتداءً في غير نقضهم ميثاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينبذ العهد إليهم،
ولذلك أمر رسول الله أن يكتب في كتابه إلى هرقل بعد التسمية: "السلام على من ابتع الهدى"(185)، وإنما
يذكر هذا الكلام للدعوة إلى الحق والإسلام، كما ذكره موسى وهارون عليهما السلام عند
فرعون، في بدء دعوته إلى أمر الله عز وجل. قال الله تعالى: ﴿ فَأْتِيَاهُ
فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا
تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ
اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾ 43
[طه:47].
ما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه
السلام في كيفية الصلاة |
+++ |
أمرنا الله
تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه العظيم أن نصلي على نبيه المصطفى صلى الله
عليه وآله وسلم فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ
اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ 43
[الأحزاب:56] فكان بعض
الصحابة - رضي الله عنهم - يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كيفية
الصلاة عليه، منهم علي بن أبي طالب، فروي عنه عليه السلام. أنه قال: «قلت يا رسول الله كيف
نصلى عليك؟» قال: «قولوا: "اللهم صل على محمد وعلى
آل محمدكما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. انك حميد مجيد». رواه السيوطي في الدر المنثور(186).
أقول:
الصلاة من الله تعالى، لطفه ورأفته على عباده وهي ردف لرحمته في كتابه، كما قال عز
وجل: ﴿ أُولَئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ﴾ 43
[البقرة:157].
ومن
المندوب أن يقدم المسلم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على دعوته لنفسه،
كما روى الشريف الرضي في "نهج البلاغة"
عن أمير المؤمنين عليه
السلام أنه قال: «إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة، فابدأ بمسألة الصلاة على
رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم سل حاجتك، فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين،
فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى»(187).
ما رُوِيَ عَنْ عليٍّ عليه السلام في تفسير ما يَتَعَلَّقُ بالدُّعَاءِ |
+++ |
قال الله
العظيم في محكم كتابه: ﴿ وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ 43
[المؤمن:60].
روى
الكلينى في الأصول من الكافي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين علي
عليه السلام رجلاً دعاءً»(188).
وروي
عن أمير المؤمنين عليه
السلام أنه قال: «الدعاء ترس المؤمن ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك»(189).
وقال عليه
السلام: «الدعاء
مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب تقي»(190).
وقال عليه
السلام: «إن المدحة
قبل المسألة فإذا دعوت الله عز وجل فمجده»(191).
أقول: هكذا
نجد الدعاء بعد حمد الله عز وجل في سورة الفاتحة (حيث يقول العبد: الحمد لله رب
العالمين.... ثم يسأل الله الهداية).
وروى
الشريف الرضي في "نهج البلاغة" عن أمير المؤمنين علي في كلام له عليه السلام أنه
قال: «اعلم أن الذي
بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة وأمرك أن تسأله
ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع
لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة، إلى
أن قال عليه السلام: فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه
بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك،
وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان،
وسعة الأرزاق، ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت
استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن
العطية على قدر النية وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل
لعطاء الآمل وربما سألت الشيء فلا تؤتاه وأوتيت خيراً منه عاجلاً أو آجلاً أو صرف
عنك لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته فلتكن مسألتك فيما
يبقى لك جماله وينفى عنك وباله»(192).
أقول: رواه
أيضاً ابن شعبه في "تحف العقول" مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه(193). وقد نهى
أمير المؤمنين علي عليه السلام عن بعض الدعوات كقول الرجل: "اللهم إني أعوذ بك من الفتنة! كما روي
عنه أنه سمع رجلاً
يقول ذلك: فقال: أراك تتعوذ من مالك وولدك! يقول الله عز وجل: إنما أموالكم
وأولادكم فتنة(194). ولكن قل:
اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن". رواه محمد
بن الحسن الحر العاملي في "وسائل الشيعة"(195) وفي رواية
رواها أبو الحسن الرضي في "نهج البلاغة" قال قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"لا يقولن
أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من
استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله سبحانه يقول: واعلموا أنما أموالكم
وأولادكم فتنة. ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه
والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ولكن لتظهر الأفعال التي بها
يستحق الثواب والعقاب، لأن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث وبعضهم يحب تثمير المال
ويكره انثلام الحال"(196). قال
الرضي: وهذا من غريب ما سمع منه في التفسير.
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آداب الصلوة |
+++ |
قال الله
عز وجل في الذكر الحكيم: ﴿ الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ 43
[المؤمنون:2]
إن الله
سبحانه وتعالى مدح عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة لخشوعهم في صلوتهم، فما هو
الخشوع؟ وما الفرق بينه وبين الخضوع؟
الخشوع هو
التذلل والانكسار ولا فرق بينه وبين الخضوع عند أكثر المفسرين حيث قالوا: إنهما
كلمتان مترادفتان. وقال آخرون: بينهما فرق لأن الخشوع عمل الجوارح والخضوع عمل
القلب(197). وهذا
القول بعيد عن الصواب لقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ 43
[الحديد:16]. فنسب
الله سبحانه في هذه الآية الخشوع للقلوب كما نسبه في آية أخرى إلى بعض الجوارح فقال
سبحانه: ﴿ أَبْصَارُهَا
خَاشِعَةٌ ﴾ 43
[النازعات:9].
و روى
الإمام زيد بن علي بن الحسين عن آبائه عن أمير المؤمنين علي عليه
السلام أنه قال: «أبصر رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم رجلاً يعبث بلحيته في الصلوة فقال: أما هذا فلو خشع قلبه لخشعت
جوارحه»(198).
ففي الحديث
ما يدل على أن الخشوع في الصلوة يكون في القلب وفي الجوارح، ولكن أصل هذا الخشوع
ينشأ في القلب ومن القلب يسرى إلى الجوارح. فحقيقة الخشوع في القلب: الفزع إلى
كبرياء الله تعالى والإعراض عما سواه، وفي الجوارح: ترك الالتفات والعبث كما
روي
عن علي عليه
السلام أنه قال: «لا تجاوز بطرفك في الصلوة
موضع سجودك»(199).
ومن آداب
الصلوة قراءة القرآن فيها بالترتيل، قال الله العظيم: ﴿ قُمِ
اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً ﴾ 43
إلى أن
قال تعالى:
﴿ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ 43
[المزمِّل:4]».
والترتيل:
هو التأني في الكلام والتأنق فيه، قال الله عز وجل: ﴿ وَرَتَّلْنَاهُ
تَرْتِيلاً ﴾ 43
[الفرقان:32] أي: أتينا
به شيء بعد شيء بالتأني والتمهل (لتيسير فهمه وحفظه). ولذلك روى الطبرسي في تفسير
"جوامع الجامع" عن أمير المؤمنين علي عليه
السلام قال في معنى الترتيل:
«بينه
تبياناً ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن
هم أحدكم آخر السورة»(200). ورواه
أيضاً الكليني في الكافي(201).
و روى
الطريحي(202) في كتاب
"مجمع البحرين" عن علي عليه السلام أنه قال في معنى ترتيل القرآن
هو: «حفظ الوقوف
وبيان الحروف»(203).
أقول:
قراءة القرآن في الصلوة تعد ركناً من أركانها، فطوبى لمن حفظ القرآن كله فقرأه في
صلواته بالترتيل، فقد روى الإمام زيد بن علي عن آبائه عن أمير المؤمنين علي
عليه
السلام أنه قال:
«من قرأ
القرآن وحفظه فظن أن أحداً أوتي أفضل مما أوتي فقد عظم ما حقر الله وحقر ما عظم
الله تعالى»(204).
وهذا
الحديث متفق عليه بين الإمامية والزيدية وأهل السنة(205).
ومن آداب
الصلوة، دعاء الاستفتاح في بدء الصلوة بعد تكبيرة الإحرام، كما روي
عن أمير المؤمنين علي
عليه
السلام أنه كان إذا استفتح
صلاته قال: «ألله
أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين. إن صلوتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين»(206). وهذا
الكلام العظيم مأخوذ من القرآن الكريم(207).
+++ |
ممَّا
روي عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يَتَعَلَّقٌ بصلوة
الجُمُعَةِ |
+++ |
إنما فرض
الله تعالى على المسلمين في كل جمعة صلوةً واحدةً في جماعة وهي صلوة الجمعة. يقول
الله عز وجل في كتابه: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن
كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ ﴾ 43
[الجمعة:9
-10].
ظاهر
الآيات يدل على وجوب صلوة الجمعة على كل من آمن بالله ورسوله، إلا من أخرجه دليل
شرعي، ولذلك قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
«الجمعة
واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر
والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين». رواه ابن
بابوية في كتاب "من لا يحضره الفقيه"(208).
فإذا شهد
الجمعة من لا تجب عليه، فإنها تجزئة عن صلوة الظهر كما روي
عن علي عليه السلام
أنه قال: «إذا شهدت
المرأة والعبد الجمعة أجزأت عنهما يعنى من صلوة الظهر»(209).
ويكره
السفر في يوم الجمعة قبل أداء الصلوة إلا لضرورة كما روي
في "نهج البلاغة"
عن علي عليه السلام قال: «لا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلا فاصلاً في سبيل
الله أو في أمر تعذر به»(210).
ووقت صلوة
الجمعة، ساعة زوال الشمس كما قال الإمام عليه السلام: «تصلى الجمعة وقت
الزوال»(211).
وصلوة
الجمعة خطبتان وركعتان كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «إنما جعلت الجمعة ركعتين
من أجل الخطبتين جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين»(212).
ومن
آداب صلوة الجمعة، تسليم الإمام على المأمون إذا صعد المنبر، كما جاء في رواية محمد
بن الحسن الطوسي بإسناده عن علي عليه السلام قال: «من
السنة إذا صعد الإمام المنبر أن يسلم إذا استقبل الناس»(213).
وعلى الناس
أن يستمعوا للإمام وينصتوا حين خطبته، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا كلام والإمام يخطب ولا
التفات إلا كما يحل في الصلاة»(214).
ودونك
خطبةً من خطبه الغراء في إحدى الجمع، قال عليه السلام:
«الحمد لله
ذي القدرة والسلطان والرأفة والامتنان، أحمده على تتابع النعم، وأعوذ به من العذاب
والنقم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخالفة للجاحدين ومعاندة
للمبطلين وإقرارا بأنه رب العالمين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قفى به المرسلين
وختم به النبيين، وبعثه رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله
أجمعين.
أوصيكم
عباد الله بتقوى الله الذي هو ولي ثوابكم وإليه مردكم ومآبكم فبادروا بذلك قبل
الموت الذي لا ينجيكم منه حصن منيع ولا هرب سريع، فإنه وارد نازل وواقع عاجل، وإن
تطاول الأجل وامتد المهل، وكل ما هو آت قريب، ومن مهد لنفسه فهو المصيب. فتزودوا
رحمكم الله اليوم ليوم الممات واحذروا أليم هول البيات، فإن عقاب الله عظيم وعذابه
أليم، نار تلهب، ونفس تعذب، وشراب من صديد، ومقامع من حديد، أعاذنا الله وإياكم من
النار ورزقنا وإياكم مرافقة الأبرار وغفر لنا ولكم جميعا إنه هو الغفور الرحيم.
إن أحسن
الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله. (ثم تعوذ بالله، وقرأ سورة العصر، ثم قال): جعلنا
الله وإياكم ممن تسعهم رحمته ويشملهم عفوه ورأفته، وأستغفر الله لي ولكم.
(ثم جلس
يسيراً، ثم قام، فقال): الحمد لله الذي دنا في علوه وعلا في دنوه وتواضع كل شيء
لجلاله واستسلم كل شيء لعزته وخضع كل شيء لقدرته، وأحمده مقصرا عن كنه شكره وأومن
به إذعاناً لربوبيته وأستعينه طالباً لعصمته وأتوكل عليه مفوضاً إليه، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً وتراً لم يتخذ صاحبةً
ولا ولداً، وأشهد أن محمداً عبده المصطفى ورسوله المجتبى وأمينه المرتضى أرسله
بالحق بشيراً ونذيراً وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ الرسالة وأدى الأمانة
ونصح الأمة وعبد الله حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه في الأولين وصلى الله عليه في
الآخرين وصلى الله عليه يوم الدين.
أوصيكم
عباد الله بتقوى الله والعمل بطاعته واجتناب معصيته فإنه من يطع الله ورسوله فقد
فاز فوزاً عظيماً، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً
مبيناً»(215).
ومن السنة
أن يقرأ الإمام في الركعة الأولى من صلوة الجمعة، سورة الجمعة وفي الركعة الثانية،
سورة المنافقين كما روي
عن ابن
رافع(216): «أن أمير المؤمنين علياً
عليه السلام كان يقرأ في الجمعة في الأولى الجمعة وفي الثانية
المنافقين»(217).
أقول: كل
ما ذكرت في هذا الفصل من بيان أحكام الجمعة، إنما أخذته من كتب الشيعة ومداركهم،
وأنت تجد أكثره في كتب أهل السنة ومآخذهم، فالحمد لله على الوفاق.
عزائم
السجود في القرآن عند عليٍّ عليه السلام |
+++ |
اختلف
الفقهاء في عزائم السجدة في القرآن فروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
عزائم سجود القرآن أربع: «ألم السجدة، حم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك الذي
خلق»(218).
و
روي
مثله عن أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليهم السلام قال: «العزائم الم تنزيل، وحم السجدة، والنجم واقرأ باسم ربك، وما
عداها في جميع القرآن مسنون وليس بمفروض»(219).
أقول:
فآيات العزائم هي:
1-
﴿ إِنَّمَا
يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ 43
[السجدة:15].
2-
﴿ وَمِنْ
آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ
وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ ﴾ 43
[فصلت:37].
3-
﴿ فَاسْجُدُوا
لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴾ 43
[النجم:62].
4-
﴿ وَاسْجُدْ
وَاقْتَرِبْ ﴾ 43
[العلق:19].
فمن قرأ
آيةً من هذه الآيات في صلوته فعليه أن يسجد ثم يقوم فيتابع قراءته أو يقوم فيركع.
فقد روى أحمد بن عيسى بن زيد عن آبائه الكرام عن أمير
المؤمنين علي عليه السلام أنه قال:
«كان صلى
الله عليه وآله وسلم يقرأ في فجر الجمعة "تنزيل
السجدة" ثم
يسجد بها.. الحديث»(220).
وقال أحمد
بن عيسى عليه السلام: «قرأ علي عليه السلام سورة النجم في صلوة الفجر فلما قرأ
السجدة في آخر السورة سجد ثم قام فقرأ" إذا زلزلت
الأرض" ثم
كبر وركع»(221).
ومن أراد
معرفة تفصيل الأقوال في هذه السنة وفروعها فليراجع كتب الفقه.
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في بيان نوافل الصبح
والمغرب |
+++ |
روى زيد بن
علي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال(222):
«لا تدعن
صلوة ركعتين بعد المغرب في سفر ولا حضر فإنهما قول الله تعالى: " وأدبار
السجود"(223). ولا
تدعن صلوة ركعتين بعد طلوع الفجر قبل أن تصلي الفريضة في سفر ولا حضر فهي قول الله
عز وجل "وإدبار
النجوم"»(224).
وقال أبو
علي الطبرسي في "مجمع البيان" عند تفسير قوله تعالى: "وأدبار السجود": فيه أقوال أحدها أن المراد به ركعتان بعد المغرب
و"إدبار النجوم" ركعتان قبل الفجر عن علي بن أبي طالب عليه
السلام(225).
وقال ابن
جرير الطبري في تفسيره: بإسناده عن ابن عباس قال قال لي رسول صلى الله عليه (وآله)
وسلم: "يا ابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار
السجود"(226).
أقول: إن
الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله
وسلم في كتابه بالتسبيح في
الليل والفجر فقال عز من قائل: ﴿ وَمِنَ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ 43 وقال جل
وعلا: ﴿ وَمِنَ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ 43
[الطور:49]، وإنه
كثيرا ما أمر الله سبحانه بتسبيحه في كتابه ومراده إقامة الصلوة لأن فيها التسبيح
له، كقوله تعالى: ﴿ وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ 43
[الأحزاب:42] وقوله عز
وجل:
﴿ فَسُبْحَانَ
اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ 43
[الروم:17]. فالمراد
من التسبيح بعد السجود، نافلة المغرب التي يؤتى بها بعد الفريضة والمراد من التسبيح
وإدبار النجوم، نافلة الصبح، التي يؤتى بها قبل فريضة كما فسرهما علي عليه
السلام، وروى ابن عباس رضي
الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم.
ما
روى عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في بيان ملازمة الصلوة
والزكوة |
+++ |
إن
الله - تعالى ذكره - جعل أمر الزكوة قريناً للصلوة في مواضع كثيرة من كتابه وجعل
بينهما الصلة الشرعية فلا تقبل إحداهما إلا بالأخرى، كما روي
عن
أمير
المؤمنين علي عليه السلام
أنه
قال
لابنه الحسن عليه السلام حين حضرته الوفاة: «أوصيك بإيتاء الزكوة عند
محلها فإنها لا تقبل الصلوة ممن منع الزكوة»(227).
فعلى
المسلم أن يؤدي زكوة ماله (إذا بلغ النصاب) بطيب نفسه، كما عليه أن يصلي لله تعالى
بالإخلاص له. قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا
أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
الْقَيِّمَةِ ﴾ 43
[القيمة:5].
و روى
الشريف الرضي في " نهج البلاغة" عن علي أمير المؤمنين
عليه السلام أنه قال:
﴿ إِنَّ
الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلاةِ قُرْبَاناً لأَهْلِ الإِسْلامِ فَمَنْ
أَعْطَاهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً ومِنَ
النَّارِ حِجَازاً ووِقَايَةً ﴾ 43
(228).
أقول:
ملازمة الصلوة والزكوة أمر ظاهر في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه
وآله وسلم فقد روى أحمد بن عيسى بسنده عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه
السلام، قال قال رسول الله
صلى
الله عليه وآله وسلم: «لا تتم الصلوة إلا بزكوة،
ولا تقبل صدقة من غلول»(229).
وروى
المناوى (من أهل السنة) في كتابه "كنوز
الحقائق" عن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم قال: «لا تقبل صلوة من لا يؤدي
الزكوة»(230).
وقال الله
تعالى:
﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا
أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ
وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ
غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ 43
[البقرة:267]
وأخرج ابن
جرير عن علي بن أبي طالب في قوله ﴿ يا
أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ﴾ 43 قال:
من
الذهب والفضة ﴿ و
مما أخرجنا لكم من الأرض ﴾ 43
قال:
يعني من الحب والتمر وكل شيء عليه زكاة(231).
هذا
وللزكوة فروع كثيرة تطلب من كتب الحديث والفقه.
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يتعلَّق بآي الصيام |
+++ |
قال الله
تبارك وتعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم
مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ
لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى
وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا
أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ ﴾ 43
[البقرة:183-185].
فما أبين
هذه الآيات لمن نظر فيها؟ ومع ذلك نحن نحتاج إلى جواب بعض الأسئلة حول هذه الآيات،
كقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ 43 فمن هم؟
وهل يجوز تفريق أيام القضاء أم لا؟ وماذا وجب على من أفطر يوماً من شهر رمضان
عامداً بغير عذر؟ وماذا على الذي أفطر في شهر رمضان ناسياً؟ وماذا على الذين أسلموا
في منتصف شهر رمضان، من الصوم؟ نحن نجيب هذه الأسئلة مستدلاً بما روي
عن أمير المؤمنين عليً
عليه السلام فنقول:
أما الجواب
عن السؤال الأول: أي عن تفسير قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ 43: فقد أخرج
أبو جعفر الطبري في تفسيره عن علي بن أبي طالب عليه
السلام في قوله تعالى: (وعلى
الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال: «الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، يفطر ويطعم مكان كل يوم
مسكينا»(232).
وفي مسند
الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي عليهم
السلام قال: «لما أنزل الله عز وجل
فريضة شهر رمضان... أتى شيخ كبير يتوكأ بين رجلين فقال يا رسول الله هذا شهر رمضان
مفروض ولا أطيق الصيام. فقال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: اذهب فأطعم عن كل يوم
نصف صاع للمساكين»(233).
أقول: حكم
العجوز في هذه المسألة ملحق بالشيخ وأمرهما سواء.
وأما عن
السؤال الثاني (أي صيام أيام القضاء) فروى أحمد بن عيسى بن زيد في أماليه عن أمير
المؤمنين علي أنه قال: «قضاء رمضان متتابعا وإن فرقته أجزأك»(234).
أقول: هذا
القول يوافق إطلاق الآية قال الله عز وجل: ﴿ فَعِدَّةٌ
مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ 43 من دون
التقييد بـ"المتتابعات" وإذا صام الصائم متتابعا (على قياس أيام رمضان)
فذلك أفضل.
وأما عن
السؤال الثالث (أي عمن أفطر يوما من شهر رمضان عامداً بلا عذر) فروي
في مسند زيد بن علي
عليه
السلام عن أمير المؤمنين علي
عليه
السلام أنه
قال:
«جاء رجل
إلى رسول الله في شهر رمضان فقال: يا رسول الله إني قد هلكت! قال: وما ذلك؟ قال:
باشرت أهلي فغلبتني شهوتي حتى فعلت! فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هل تجد عتقاً؟
قال: لا والله ما ملكت مخلوقاً قط. قال صلى الله عليه وآله وسلم: فصم شهرين
متتابعين. قال: لا أطيقه. قال صلى الله عليه وآله وسلم: فانطلق فأطعم ستين مسكيناً.
قال: لا والله لا أقوى عليه. قال فأمر له رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم بخمسة
عشر صاعا لكل مسكين مد فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبياً ما بين لابتيها
أهل بيت أحوج إليه منا! قال صلى الله عليه وآله وسلم: فانطلق وكله أنت
وعيالك»(235).
أقول: وقد
روى هذا الحديث من الإمامية: ابن بابويه في "من لا يحضره الفقيه"(236) ومن أهل
السنة البخاري في صحيحه(237) باختلاف
يسير بألفاظه.
ومن فقه
الحديث أن هذه الكفارة تخفف على قدر صاحبها.
وأما عن
السؤال الرابع (أي عمن أفطر في شهر رمضان ناسياً) فقد روى النعمان بن محمد في كتاب
"دعائم الإسلام" عن علي عليه
السلام قال في قوله الله تعالى ﴿ ..
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا
إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ 43
[البقرة:286]:
«استجيب لهم ذلك في
الذي ينسى فيفطر في شهر رمضان»(238).
وأما عن
السؤال الخامس (أي عمن أسلم في منتصف شهر رمضان) فقد روى
الكليني في "الفروع من الكافي" بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام:
«أن علياً صلوات
الله عليه كان يقول في رجل أسلم في نصف شهر رمضان إنه ليس عليه إلا ما
يستقبل»(239).
مما
روي عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فيما يتعلَّق بآي الحجّ |
+++ |
1- قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز:
﴿ إِنَّ
أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى
لِّلْعَالَمِينَ. فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ
كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ 43
[آل
عمران:96-97].
أخرج
ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده عن خالد بن
عرعرة: «أن رجلاً
قام إلى علي فقال: ألا تخبرني عن البيت؟ أهو أول بيت وضع في الأرض؟ فقال (علي):
لا ولكن هو أول بيت وضع في البركة، مقام
إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا... الحديث»(240).
وفي
رواية أخرى للطبري أيضاً: «ثنا
محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، قال: سمعت خالد ابن عرعرة قال: سمعت علياً،
وقيل له: إن
أول بيت وضع للناس للذي ببكة هو أول
بيت كان في الأرض؟ قال: لا! فأين كان قوم نوح؟ وأين كان قوم هود؟ قال: ولكنه أول
بيت وضع للناس مباركاً وهدىً»(241).
أقول:
مراده عليه السلام: كان البيت أول مسجد وضع للناس كما رواه أبو ذر - رضي الله
عنه - عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قلت يا رسول الله!، أي
مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قال: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى..
الحديث»(242).
وأخرج
أيضاً ابن جرير الطبري بإسناده عن الحارث عن علي بن أبي طالب عليه
السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: «من ملك زاداً وراحلةً تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن
يموت يهودياً أو نصرانياً وذلك أن الله يقول في كتابه: «ولله على الناس حج البيت
من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين»(243).
والحديث أخرجه الترمذي في سننه أيضاً بسنده عن الحارث عن علي(244).
أقول:
(من كفر) أي من جحد فرضه، وأنكر وجوبه فمات، فهو كاليهود والنصارى الذين ماتوا على
غير ملة الإسلام، لأن إنكار الضروري كفر.
2-
وفي مسند زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي أمير المؤمنين عليهم السلام
في قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ
اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا
فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ 43
[البقرة:158]،
قال: «كان
عليهما أصنام فتحرج المسلمون من الطواف بينهما لأجل الأصنام فأنزل الله عز وجل لئلا
يكون عليهم حرج في الطواف من أجل الأصنام»(245).
أقول:
إن الطواف بين الصفا والمروة من أركان الحج وواجباته، ومع ذلك قال تعالى:
﴿ فَلاَ
جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ 43
فبين الإمام عليه السلام سبب ورود هذا التعبير في كلامه الله
سبحانه.
3-
وفي مسند زيد بن علي عن أمير المؤمنين علي عليهم السلام أنه قال: «لما نزل
قوله تعالى:
﴿ وَلِلّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ 43 قام رجل
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله! الحج واجب علينا في كل سنة؟ أو
مرةً واحدةً في الدهر؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: بل مرةً واحدةً ولو قلت في
كل سنة لوجب..الحديث»
43(246).
أقول:
أخرج
هذا الحديث عدة من أهل السنة أيضاً منهم النسائي في سننه بسنده عن أبي هريرة قال:
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: «إن الله
عز وجل قد فرض عليكم الحج» فقال رجل:
في كل عام؟ فسكت عنه حتى أعاده ثلاثا! فقال: «لو قلت نعم لوجبت ولو
وجبت ما قمتم بها. ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم
على أنبيائهم فإذا أمرتكم بالشيء فخذوا به ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء
فاجتنبوه»(247).
و
روي أيضاً في مسند زيد بن علي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: «قال
رجل: يا رسول الله! فالعمرة واجبة مثل الحج؟ قال لا، ولكن إن اعتمرت خيراً
لك»(248).
أقول:
فإن قيل فإن الله تعالى يقول: ﴿ وَأَتِمُّواْ
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ..
الآية ﴾ 43
[البقرة:196]،
فأمر الله عز وجل بالعمرة وأمر الله يدل على الوجوب! قلت: إنما أمر سبحانه بالإتمام
ولم يأمر بالابتداء والإنشاء، كما في قول الله عز وجل: ﴿ يُوفُونَ
بِالنَّذْرِ..
الآية ﴾ 43
[الإنسان:7]
حيث أوجب سبحانه الإيفاء ولم يوجب إنشاء النذر.
ويؤيده
ما رواه الترمذي عن جابر - رضي الله عنه - أن
النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم
سئل عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: «لا وأن
تعتمروا هو أفضل»(249).
وأخرج
الطبري في تفسيره بسنده عن أبي صالح الحنفي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الحج جهاد، والعمرة تطوع»(250).
4-
وقال الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ...
الآية ﴾ 43
[البقرة.:197]:
روي
في كتاب "الاعتصام بحبل الله" عن علي عليه السلام أنه قال: «إن أشهر
الحج شوال وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة»(251).
5-
وقال الله عز وجل: ﴿ وَأَذَانٌ
مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ..
الآية ﴾ 43
[التوبة:3].
وقد
تظاهرت الأخبار عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر
كما رواها ابن جرير الطبري في تفسيره، وهو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قال: «ثنا
محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمدان، عن رجل من أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: قام فينا رسول الله على ناقة حمراء مخضرمة،
فقال: أتدرون أي يوم يومكم؟ قالوا: يوم النحر، قال: صدقتم يوم الحج
الأكبر»(252).
6-
وقال
الله عز وجل: ﴿ ..فَمَن
تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن
لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا
رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ.. الآية ﴾ 43
[البقرة:196]
روى
السيوطي في الدر المنثور قال: «أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن
أبي حاتم والبيهقي عن علي بن أبي طالب
﴿ فصيام
ثلاثة أيام في الحج ﴾ 43 قال:
«قبل التروية يوم،
ويوم التروية، ويوم عرفة، فإن فاتته صامهن أيام التشريق».
+++ |
مما
رُوِيَ عن عليٍّ عليه السلام في آيِ الجهادِ في سَبِيلِ
اللهِ |
+++ |
1- قال الله العظيم في كتابه: ﴿ انْفِرُواْ
خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ 43
[التوبة:41].
روى
الكليني في الفروع من الكافي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة(253)
قال: قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ﴿ كَتَبَ
اللَّهُ الْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ والنِّسَاءِ فَجِهَادُ الرَّجُلِ بَذْلُ
مَالِهِ ونَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قال: وَجِهَادُ
الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّل ﴾ 43
(254).
وروى
الكليني عن مالك بن أعين قال:
«حرض أمير المؤمنين
عليه
السلام الناس
بصفين فقال (مشيراً إلى ما جاء في سورة الصف) إن
الله عز وجل دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتشفي بكم على الخير الإيمان بالله
والجهاد في سبيل الله وجعل ثوابه مغفرةً للذنب ومساكن طيبةً في جنات عدن. وقال عز
وجل:
﴿ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ
مَرْصُوصٌ ﴾ 43
فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص...
(إلى قوله)
ولا
تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ولا تدخلوا داراً ولا
تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأةً بأذًى، وإن
شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول، وقد كنا
نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من
بعده.
و
اعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها ووراءها
وأمامها ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها رحم
الله امرأً واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه فيكتسب
بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد
خلى قرنه على أخيه هارباً منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت
الله عز وجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عز وجل ﴿ لَنْ
يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وإِذاً لا
تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلاً ﴾ 43.
وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة، فاستعينوا بالصبر
والصدق فإنما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده، ولا قوة إلا
بالله... الحديث» 43(255).
وروى
الكليني في الفروع من الكافي أيضاً عن عقيل الخزاعي قال: إن أمير المؤمنين علي عليه
السلام كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات (منها): «ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام وهو قوام
الدين والأجر فيه عظيم مع العزة والمنعة، وهو الكرة فيه الحسنات والبشرى بالجنة بعد
الشهادة وبالرزق غداً عند الرب والكرامة. يقول الله عز وجل: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً..
الآية» ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق
للجهاد والمتوازرين على الضلال، ضلال في الدين وسلب للدنيا، مع الذل والصغار، وفيه
استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال. يقول الله عز وجل: ﴿ يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا
تُوَلُّوهُمُ الأَدْبارَ ﴾
43فحافظوا
على أمر الله عز وجل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة ونجاة في الدنيا
والآخرة من فظيع الهول والمخافة. فإن الله عز وجل لا يعبأ بما العباد مقترفون ليلهم
ونهارهم. لطف به علماً، وكل ذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى. فاصبروا وصابروا
واسألوا النصر ووطنوا أنفسكم على القتال. واتقوا الله عز وجل فإن الله مع الذين
اتقوا والذين هم محسنون»(256).
2-
ويقول الله سبحانه يقول في كتابه: ﴿ وَقَاتِلُواْ
فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
43
[البقرة:190].
وقد
بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه معنى الاعتداء ومصاديقه فقال: «...فلا تقتلوا وليداً ولا طفلاً ولا امرأةً ولا شيخاً
كبيراً لا يطيق قتالكم، ولا تغوروا
عيناً، ولا تقطعوا شجراً إلا شجراً يضركم، ولا تمثلوا بآدمي ولا بهيمة،
ولا تغلوا
ولا تغدروا (ولا تظلموا ولا تعتدوا)، وأيما رجل منكم من أقصاكم أو أدناكم، من
أحراركم أو عبيدكم، أعطى رجلاً منهم أماناً، أو أشار إليه بيده فأقبل إليه بإشارته،
فله الأمان حتى يسمع كلام الله، أي كتاب الله، فإن قبل فأخوكم في دينكم، وأن أبى
فردوه إلى مأمنه واستعينوا بالله عليه»(257).
كما رواه علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واتبع
علي عليه السلام ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حروبه شبراً بشبر،
كما روى الكليني بإسناده عن أبي حمزة الثمالي(258)
قال قلت لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما: إن علياً عليه السلام سار في أهل القبلة
بخلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أهل الشرك! قال: فغضب ثم جلس
وقال: «سار والله
فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح. إن علياً كتب إلى مالك
وهو على مقدمته يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبراً ولا يجيز على
جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن»(259).
وعهد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمراء جنده يوم فتح مكة: «أن لا يقاتلوا إلا من
قاتلهم (كما قال الله عز وجل: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن
الله لا يحب المعتدين)، وكذلك قال علي عليه السلام لمعقل بن قيس أمير
جيشه: ﴿ لا
تُقاتِلَنَّ إلاّ مَنْ قَاتَلَكَ ﴾ 43
(260)
و
روى البلاذري في كتابه "أنساب الأشراف" قال: «وقال أبو مخنف وغيره وأمر علي أصحابه أن لا يقاتلوا حتى
يبدؤا، وأن لا يجهزوا على جريح، ولا يمثلوا، ولا يدخلوا
داراً بغير إذن، ولا يشتموا أحداً، ولا يهيجوا امرأةً، ولا يأخذوا إلا ما في
عسكرهم»(261).
وفي
حديث عبد الرحمن بن جندب عن أبيه أن أمير المؤمنين علياً صلوات الله عليه كان يأمر
في كل موطن لقينا فيه عدواً فيقول: «لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم
إياهم حتى يبدءوكم حجة لكم أخرى فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على
جريح ولا تكشفوا عورةً ولا تمثلوا بقتيل»(262).
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في آيِ الأمر بالمعروف والنَّهيِ عن
المُنْكَرِ |
+++ |
قال
الله سبحانه وتعالى: ﴿ لُعِنَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ. كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ
عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ 43
[المائدة:78-79].
روى
أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في كتابه "المعيار
والموازنة" تحت عنوان: «في كلام علي عليه السلام
في تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم جواز المداراة مع الفساق
والمنافقين والطغاة»، أنه عليه السلام
قال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاء إلى محاربة أهل
البغي:
«أوصيكم
عباد الله بتقوى الله وأحذركم الدنيا وما فيها من الغضارة والبهاء والكرامة والبهجة
التي ليست بخلف مما زين الله به العلماء وبما أعطوا من العقبى الدائمة والكرامة
الباقية، ذلك بأن العاقبة للمتقين والحسرة والندامة والويل الطويل على الظالمين.
فاعتبروا بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول:
﴿ لَوْلاَ
يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ
السُّحْتَ ﴾ 43
[المائدة:63]،
وقال: ﴿ لُعِنَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ. كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ
عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ 43
[المائدة:78-79].
وإنما
عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم الأمر المنكر من
الفساد في بلادهم فلا ينهون عن ذلك رغبةً فيما كانوا ينالون منهم، ورهبةً مما كانوا
يحذرون, والله يقول: ﴿ إِنَّا
أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ
الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ
بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ
تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ.. الآية ﴾ 43
[المائدة:44].
وقال: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ.. الآية ﴾ 43
[التوبة:71]،
فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت
استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها. ذلك بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء
إلى الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفيء والغنائم وأخذ الصدقات من
مواضعها ووضعها في حقها. ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة
وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس لكم مهابة، يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف
ويؤثركم من لا فضل لكم عليه، ولا يد لكم عنده تشفعون بالحوائج إذا امتنعت من
طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر. أليس كل ذلك إنما نلتموه
لما يرجى عندكم من قيام بحق الله؟, وإن كنتم عن أكثر حقه مقصرين واستخففتم بحق
الأئمة. فأما حق الله وحق الضعفاء فضيعتم، وأما حقكم بزعمكم فطلبتم فكنتم كحراس
مدينة أسلموها وأهلها للعدو [و]
بمنزلة الأطباء الذين استوفوا ثمن الدواء وعطلوا المرضى...
الحديث ﴾ 43
(263).
ما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آية كفّارة الحنث
باليمين |
+++ |
قال
الله سبحانه وتعالى: ﴿ لاَ
يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا
عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ
أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ
إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ 43
[المائدة:89]
روى
السيوطي في الدر المنثور قال: أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن
جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال: «في كفارة اليمين إطعام
عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من حنطة». ثم روى السيوطي مثله عن ابن عباس ومجاهد، ثم قال:
وأخرج عبد
بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله
﴿ فكفارته
إطعام عشرة مساكين ﴾ 43 قال:
«يغديهم ويعشيهم، إن
شئت خبزا ولحما، أو خبزا وزيتا، أو خبزا وسمنا، أو خبزا وتمراً»(264).
وأخرج
القاضي النعمان بسنده عن علي عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ أَوْ
كِسْوَتُهُمْ ﴾ 43
[المائدة:89]:قال:
«ثوبان لكل
إنسان»(265).
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آيِ
النِّكاحِ والطَّلاقِ |
+++ |
1- قال تعالى: ﴿ وَلَن
تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ
تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ
وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ 43
[النساء:129].
روي
في مسند الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في قول
الله عز وجل: ﴿ وَلَن
تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ 43
قال: «هذا في الحب
والجماع وأما النفقة والكسوة والبيتوتة فلا بد من العدل في ذلك»(266)
2-
وقال الله عز وجل: ﴿ الْيَوْمَ
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ
لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا
آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي
أَخْدَانٍ.. الآية ﴾ 43
[المائدة:5].
روي
من طريق عبيد الله بن عمر بن علي عن جده أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال:
«لا ينكح اليهودي
ولا النصراني المسلمة، وينكح المسلم اليهودية والنصرانية»(267)
أقول:
يستنبط هذا الحكم مما أحل الله تعالى في كتابه للمسلم أن ينكح امرأةً كتابية ولم
يأذن للمسلمة أن ينكحها رجل من أهل الكتاب. أما قوله قوله تعالى: ﴿ لا
هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ 43
[الممتحنة:10]
فإنه نزل في الكفار الوثنيين والمسلمات المهاجرات.
3-
وروي في مسند الإمام زيد بن علي عن علي عليه السلام في الرجل تأتي امرأته بولد
فينفيه، قال:
«يلاعن
الإمام بينهما يبدأ بالرجل فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن
لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن
الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. فإذا فعلا ذلك فرق الإمام
بينهما ولم يجتمعا أبداً. وألحق الولد بأمه»(268).
أقول:
هذا تفسير ما جاء في سورة النور من أمر اللعان(269).
4-
وروي فيه أيضاً أن علياً عليه السلام قال: «الإيلاء هو القسم، وهو
الحلف، وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته أربعة أشهر أو أكثر من ذلك فهو مول، وإن كان
دون الأربعة أشهر فليس بمول. أقول: هذا تفسير قوله العزيز: ﴿ لِّلَّذِينَ
يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ
اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ﴾ 43
[البقرة:226-227].
5-
قال الله عز وجل: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن
يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ.. الآية ﴾ 43
[البقرة:228].
أقول:
القروء جمع قرء، واختلف المفسرون في معنى القرء، فقالت طائفة منهم أن المراد بالقرء
هو فترة الطهر، وقالت طائفة أخرى القرء هو الحيض، ورووا ذلك عن أمير المؤمنين علي
عليه
السلام(270).
وبه قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما، وغيرهما من
الصحابة.
والصواب
أن القرء يطلق على الحيض والطهر لغةً ولكن الأقرب أن المراد هنا في الشرع هو:
الحيض، كما روي عن الإمام عليه السلام، والوجه في ذلك أن الله تعالى قال:
﴿ وَاللاّئِي
يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ
ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ... الآية ﴾ 43
[الطلاق:4]،
فأقام الله سبحانه الأشهر مقام الحيض دون الأطهار. وروي عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش: «دعي الصلوة أيام أقرائك، أي أيام حيضك»(271).
وقال
علي عليه السلام في قوله عز شأنه في بقية الآية المذكورة من سورة البقرة أي:
﴿ ..وَبُعُولَتُهُنَّ
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا ﴾ 43
[البقرة:228]:
«تحل
لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل للأزواج»(272).
ومع
ذلك كله فإن الأمر اختلافي، والإمامية رووا عن أمير المؤمنين علي عليه السلام رأياً
غير ذلك(273)
والله تعالى أعلم.
6-
﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ
مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ 43
[البقرة:241]
قال
السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: لكل مؤمنة طلقت
حرةً أو أمةً، متعة، وقرأ ﴿ وللمطلَّقَاتِ
مَتَاعٌ بالمعْرُوفِ حَقَّاً عَلَى المتَّقِينَ ﴾ 43.
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: «لما
طلق حفص بن المغيرة امرأته فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لزوجها. متعها.
قال: لا أجد ما أمتعها. قال: فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من
تمر».
7-
قال الله عز وجل: ﴿ وَإِن
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ
فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي
بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ
تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ ﴾ 43
[البقرة:237].
أخرج
محمد ابن جرير الطبري عن عيسى بن عاصم
الأسدي: «أن
علياً سأل شريحاً عن الذي بيده عقدة النكاح، فقال: هو الولي. فقال علي: لا، ولكنه
الزوج»(274).
أقول:
ومعنى ذلك إن شاءت المرأة عفت فتركت نصف الصداق، وإن شاء زوجها يتم لها الصداق. ومن
قال إن المراد من الذي بيده عقدة النكاح هو الولي، فقوله غير مستقيم لأن الولي لا
حق له في صداق المرأة حتى يعفو أو لا يعفو عن صداقها!
والولي ليست بيده عقدة النكاح، ولكن بيده "عقد" النكاح!
والذي بيده عقدة النكاح فيمسكها أو يحلها هو الزوج!
8-
وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ
خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ
أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ
كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ 43
[النساء:35].
روى
العياشي (محمد بن مسعود) عن محمد بن سيرين عن
عبيدة قال أتى علي بن أبي طالب عليه السلام رجل وامرأة، مع كل واحد منهما
فئام(275) من الناس.
فقال عليه السلام: ﴿ ابعثوا
حكماً من أهله وحكماً من أهلها، ثم قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن
رأيتما أن يُجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وان رأيتما أن يُفَرَّقَا فَرَّقْتُمَا، فقالت
المرأة: رضيتُ بكتابِ اللهِ عليَّ وليٌّ، فقال الرجل: أمَّا في الفرقة فلا، فقال
عليٌ عليه السلام: ما تبرح حَتَّى تُقِرَّ بما أقرَّتْ به ﴾ 43
(276).
أقول:
حق الإصلاح والتفريق من شؤون الحكمية فإذا أمر الله تعالى باتخاذ الحكمين في قوله
عز وجل: ﴿ فَابْعَثُواْ
حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ﴾ 43
فقد فوض حق الإصلاح والتفريق إليهما.
9
- وقال الله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ 43
[البقرة:234].
وقال سبحانه: ﴿ وَاللائِي
يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ
ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ
يُسْرًا ﴾ 43
[الطلاق:4].
ذهب
أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى أن الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد
الأجلين: وضع الحمل أو الأربعة أشهر وعشرا. وفيما يلي ما نقله السيوطي في الدر
المنثور من روايات عن أمير المؤمنين في هذا الأمر، قال:
«وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب في الحامل إذا وضعت بعد وفاة زوجها
قال: "تعتد
أربعة أشهر وعشراً".
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب أن عمر استشار علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت (أي في
المرأة الحامل التي وضعت حملها بعد أن توفي عنها زوجها)، قال زيد: قد حلت، وقال علي
بن أبي طالب: أربعة أشهر وعشرا. قال زيد: أرأيت إن كانت آيساً؟ قال علي: فآخر
الأجلين.
وأخرج
ابن المنذر عن مغيرة قال: قلت للشعبي: ما أصدق أن علي بن أبي طالب، كان يقول: عدة
المتوفي عنها زوجها آخر الأجلين، قال: بلى، فصدق به كأشد ما صدقت بشيء،
كان
علي يقول: إنما قوله: ﴿ وأولات
الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن»
في المطلقة ﴾ 43
انتهى من الدر المنثور.
مما
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام في تفسير آيِ الوصية
والميراث |
+++ |
1- قال الله تعالى: ﴿ كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقَّاً عَلَى
الْمُتَّقِينَ ﴾ 43
[البقرة:180].
روى
الطبرسي في مجمع البيان: «أن
علي بن أبي طالب دخل على مولى لهم في الموت، وله سبعمائة درهم أو ستمائة درهم فقال:
ألا أوصي؟ قال: لا! إنما قال الله:
﴿ إِن
تَرَكَ خَيْراً ﴾ 43
وليس لك كثير مال، فدع مالك لورثتك»(277).
أقول: أما
بالنسبة لمدلول الآية في جواز الوصية للوارث (كالوالدين) فقد اختلف في ذلك وأنه هل
هذه الآية منسوخة أم لا؟ والصحيح أنها غير منسوخة لأن »من قال أنها منسوخة بآية
المواريث فقوله باطل لأن النسخ بين الخبرين إنما يكون إذا تنافى العمل بموجبهما،
ولا تنافي بين آية المواريث وآية الوصية!.. ومن قال أنها منسوخة بقوله صلى الله
عليه وآله: ﴿ لا
وصية لوارث ﴾ 43 فقد أبعد،
لأن الخبر لو سلم من كل قدح لكان يقتضي الظن ولا يجوز أن ينسخ كتاب الله تعالى الذي
يوجب العلم اليقين بما يقتضي الظن. ولو سلمنا الخبر - مع ما ورد من الطعن على
روايته - لخصصنا عموم الآية وحملناها على أنه لا وصية لوارث بما يزيد عن الثلث لأن
ظاهر الآية يقتضي أن الوصية لهم جائزة بجميع ما يملك»(278).
هذا وقد
ذهب أئمة العترة عليهم السلام كالباقر والصادق(279)
والهادي إلى الحق يحي
بن الحسين(280)، وغيرهم
إلى جواز الوصية للوارث (بمقدار الثلث) عملاً بظاهر هذه الآية الكريمة.
+
+
+
الباب
الثالث
ما روى عن علي عليه
السلام
في تفسير المتفرقات من مسائل القرآن
1-
روي عن علي عليه
السلام في قوله تعالى: ﴿ ..وَقُلْنَا
اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ
وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ 43
[البقرة:36] قال:
«أطيب ريح الأرض
الهند، أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة»(281).
2-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ ...
وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ 43
[البقرة:83]: «قال: يعني الناس
كلهم»(282).
3-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ يَخْتَصُّ
بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ 43
[البقرة:105] قال:
«أن المراد برحمته
هنا النبوة»(283).
4-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ
ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ ﴾ 43
[البقرة:124]: «قال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم لا طاعة إلا في المعروف»(284).
أقول: وقد روى
الفريقان الشيعة والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق»(285).
5-
وقال عليه السلام حين
سمع رجلاً يقول: ﴿ إِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ﴾ 43
[البقرة:156]: «إن قولنا "إنا لله" إقرار على أنفسنا
بالملك، وقولنا "وإنا إليه راجعون" إقرار على أنفسنا
بالهلك»(286).
6-
وروي
عنه عليه السلام أنه
قال في تأويل قوله تعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ
بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى.. الآية ﴾ 43
[البقرة:178]: «أيما حر قتل عبدا فهو قود
به، فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه، وقاصوهم بثمن العبد من دية الحر،
وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته. وإن عبد قتل حرا فهو به قود، فإن شاء أولياء الحر
قتلوا العبد، وقاصوهم بثمن العبد وأخذوا بقية دية الحر، وإن شاؤوا أخذوا الدية كلها
واستحيوا العبد. وأي حر قتل امرأة فهو بها قود، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا
نصف الدية إلى أولياء الحر. وإن امرأة قتلت حرا فهي به قود، فإن شاء أولياء الحر
قتلوها وأخذوا نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا الدية كلها واستحيوها وإن شاؤوا
عفوا»(287).
7-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ وِمِنْهُم
مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ 43
[البقرة:201]. «هي المرأة الصالحة في
الدنيا، وفي الآخرة الجنة»(288).
8-
وقال عليه السلام في
معنى قوله تعالى: ﴿ وَاللّهُ
سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 43
[البقرة:202]: «إنه يحاسب الخلق دفعةً
كما يرزقهم دفعةً»(289).
9-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ
بِالْعِبَادِ ﴾ 43
[البقرة:207]: إن
المراد بالآية الرجل الذي يقتل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(290).
10-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ فَلاَ
جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ 43
[البقرة:229]: المهر
فقط(291).
أقول: يؤيد هذا الرأي قوله تعالى:
﴿ وَلاَ
يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ 43
[البقرة:229] أي لا
تأخذوا من مهورهن شيئا وهذا في الرجعيات وأما في المختلعات فيرفع المنع ويؤخذ مما
منعوا من قبل من أخذ المهور.
11-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَلاَ
تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا ﴾ 43
[البقرة:231]:
﴿ مَنْ
قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ
آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً ﴾ 43
(292).
12-
وقال عليه السلام في قول الله عز وجل: ما
كان في الحولين فهو رضاع ولا رضاع بعد الفطام. قال الله عز وجل:
﴿ وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ﴾ 43
[البقرة:233](293).
13-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ ﴾ 43
[البقرة:258]: هو نمرود
بن كنعان(294).
14-
وقال عليه السلام: «لا حبس على معسر قال الله
عز وجل: ﴿ وَإِنْ
كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ﴾ 43
[البقرة:280]»(295).
15-
وقال عليه السلام: «إن أولى الناس بالأنبياء
أعلمهم بما جاءوا به، ثم تلا:
﴿ إِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ 43
[آل
عمران:68] ثم قال: إن ولي محمد
من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته»(296).
16-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَلَكِن
كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ﴾ 43
[آل
عمران:79]: أي كونوا علماء
فقهاء(297).
17-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَإِذْ
أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ
الشَّاهِدِينَ ﴾ 43
[آل
عمران:81]: «لم يبعث الله نبياً آدم
فمن بعده إلا أخذ عليه العهد لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره
أن أخذ العهد بذلك على قومه»(298).
18-
وروي
عنه عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ
اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ 43
[آل
عمران:200] «إن معنى رابطوا أي:
رابطوا الصلوات، ومعناه: انتظروها واحدة بعد واحدة»(299).
قلت: هذا
بيان لأحد أهم مصاديق الرباط. وقد روى الطبرسي في مجمع البيان ما يؤيد هذا عن النبي
" صلى الله عليه وآله وسلم " أنه سئل عن أفضل الأعمال، فقال: «إسباغ الوضوء في السبرات،
ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»(300).
ورواه جمع
من أهل السنة كمسلم في صحيحه والنسائي والترمذي في سننهما ولفظ الترمذي عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟
قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة، "فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط" ثلاثاً»(301).
أقول: ولا
عجب في ذلك فالرباط ملازمة ثغر العدو لمنعه، وهذه الأعمال تسد طرق الشيطان عنه
وتمنع النفس عن الشهوات، وعداوة النفس والشيطان لا تخفى، فهذا هو الجهاد
الأكبر الذي فيه قهر أعدى عدوه، فلذلك قال الرباط بالتعريف والتكرار تعظيما
لشأنه.
19-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ 43
[النساء:10]: «من أكل مال اليتيم ظلما،
سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده، ويلحقه وبال ذلك في الآخرة. أما في الدنيا فإن
الله يقول: ﴿ وَلْيَخْشَ
الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ
فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا ﴾ 43
[النساء:9]، وأما في
الآخرة، فإن الله يقول: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ 43»(302).
20-
وقال عليه السلام في قول الله عز وجل:
﴿ وَلاَ
تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ
سَلَفَ ﴾ 43
[النساء:22]: «إذا نكح رجل امرأةً ثم
توفي عنها أو طلقها، لم تحل لأحد من ولده إن دخل بها أو لم يدخل بها»(303).
21-
وقال عليه السلام: ﴿ إذا
تزوَّج الرجلُ المرأةَ فدخل بها أو لم يدخل بها، حَرُمَتْ عليه أمُّها. وذلك لقول
الله تعالى ﴿ ..
وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ ﴾ 43
[النساء:23] فهي مبهمة
محرمة في كتاب الله تعالى»
43(304).
22-
وقال عليه السلام في قول الله عز وجل:
﴿ وَرَبَائِبُكُمُ
اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم
بِهِنَّ ﴾ 43
[النساء:23] «هي ابنة امرأته، عليه
حرام إذا كان دخل بأمها، فإن لم يكن دخل بأمها فتزويجها له حلال»(305).
أقول:
ربيبة الرجل ابنة امرأته من غيره، وقيد في «في حجوركم» خرج مخرج الغالب لأن الغالب في الربيبة أن تعيش في
كنف أمها، فالحكم يعم كل ربيبة سواء كانت في حجر زوج أمها أم لم تكن.
23-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ لاَ
تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ
وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ 43
[النساء:43]: «أي إلا أن تكونوا مسافرين
فيجوز لكم أداؤها بالتيمم»(306).
24-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ أَوْ
لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ﴾ 43
[النساء:43]: «المراد به
الجماع»(307).
أقول: يؤيد
هذا التفسير ما روى عنه عليه السلام في نهج البلاغة حيث قال: ﴿ إِذَا
نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَةٍ تُعْجِبُهُ فَلْيُلامِسْ أَهْلَهُ فَإِنَّمَا
هِيَ امْرَأَةٌ كَامْرَأَتِهِ ﴾ 43
(308).
25-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
يَشَاء ﴾ 43
[النساء:48]: «ما في القرآن آية أرجى
عندي من هذه الآية»(309).
26-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم
بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ
إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ 43
[النساء:58]: «حق على الإمام أن يحكم
بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن
يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا»(310).
27-
وقال عليه السلام لمرتد: إن كنت لمستتيبه
ثلاثاً. ثم قرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُواْ، ثُمَّ كَفَرُواْ، ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُوا، ثُمَّ
ازْدَادُواْ كُفْرًا ﴾ 43
[النساء:137](311).
28-
وقال عليه السلام: «كان القرآن ينسخ بعضه
بعضاً وإنما كان يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بآخره وكان من آخر
ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها ولم ينسخها شيء. لقد نزلت عليه وهو على
بغلة شهباء وثقل عليه الوحى حتى وقفت وتدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض
وأغمى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وضع يده على رأسه شبيه بن وهب
الجمحى ثم رفع ذلك عن رسول الله فقرأ علينا سورة المائدة فعمل رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وعملنا»(312).
29-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ 43
[المائدة:3] أنزلت هذه
الآية على رسول صلى الله عليه (وآله) وسلم وهو قائم عشية عرفة(313).
30-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ أَكَّالُونَ
لِلسُّحْتِ ﴾ 43
[المائدة:42]: «السحت هو الرشوة في
الحكم.. الحديث»(314).
أقول: وقد
روى مثل هذا القول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
31-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ أَوْ
كِسْوَتُهُمْ ﴾ 43
[المائدة:89]: ثوبان
لكل إنسان(315).
32-
وقال عليه السلام: «لا تأمنن على خير هذه
الأمة عذاب الله لقوله تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُواْ
مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ
الْخَاسِرُونَ ﴾ 43
[الأعراف:99]، ولا
تيأسن لشر هذه الأمة من روح الله لقوله تعالى: ﴿ لاَ
يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ 43
[يوسف:87]»(316).
33-
سئل علي عليه السلام عن قوله تعالى:
﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ 43
[النحل:97]: فقال هي
القناعة(317).
34-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسانِ ﴾ 43
[النحل:90]: العدل
الإنصاف والإحسان التفضل(318).
35-
وقال عليه السلام في قوله تعالى في سورة
الأنفال عن غزوة بدر ﴿ ...وَمَا
أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ ﴾ 43
[الأنفال:41]: «كانت ليلة الفرقان يوم
التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة، لسبع عشرة مضت من رمضان»(319).
36-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ ..وَبَشِّرِ
الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ..
الآية ﴾ 43
[يونس:2] «قال: (هو) محمد صلى الله
عليه وآله وسلم، شفيع لهم يوم القيامة»(320).
37-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ فَلَوْلاَ
كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ
آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ 43
[يونس:98]: «إن الحذر لا يرد القدر
وإن الدعاء يرد القدر، وذلك في كتاب الله:
﴿ إِلاَّ
قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ ﴾ 43»(321).
وأقول: لقد
روى الفريقان نحو هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يرد القدر إلا الدعاء" وقال: "لا
يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل.."(322).
38-
وقال عليه السلام: «أربع تعليم من الله عز
وجل لسن بواجبات. قوله:
﴿ فَكاتِبُوهُمْ
إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ﴾ 43
[النور:33] فمن شاء
كاتب رقيقه ومن شاء لم يكاتب. وقوله: ﴿ وَإِذا
حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ﴾ 43
[المائدة:2]: فمن شاء
اصطاد ومن شاء لم يصطد. وقوله: ﴿ فَكُلُوا
مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ 43
[الحج:36]: فمن شاء
أكل ومن شاء لم يأكل. وقوله: ﴿ فَإِذا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ﴾ 43
[الجمعة:10]: فمن شاء
انتشر ومن شاء جلس»(323).
39-
وقال عليه السلام: «أيعجز أحدكم إذا مرض أن
يسأل امرأته فتهب له من مهرها درهما فيشتري به عسلا فيشربه بماء السماء فإن الله عز
وجل يقول في المهر: ﴿ فَإِنْ
طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً
مَرِيئاً ﴾ 43
[النساء:4] ويقول في
العسل: ﴿ فِيهِ
شِفاءٌ لِلنَّاسِ ﴾ 43
[النحل:69]: ويقول في
ماء السماء: ﴿ وَنَزَّلْنا
مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ﴾ 43
[سورة
ق:9]»(324).
40-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ 43
[هود:56]: «إنه على حق، يجزي
بالإحسان إحسانا وبالسيئ سيئا، ويعفو عمن يشاء ويغفر سبحانه وتعالى»(325).
41-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ ألَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ
دَارَ الْبَوَارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ 43
[إبراهيم:28-
29] «..ألا أحد يسألني عن
القرآن؟ فوالله لو أعلم اليوم أحد أعلم به مني، وإن كان من وراء البحور لأتيته.
فقام عبد الله بن الكواء فقال: من ﴿ الذين
بدلوا نعمة الله كفرًا»؟ قال: هم
مشركو قريش، أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا قومهم دار البوار ﴾ 43 وقال
أيضا: «هم كفار قريش
الذين نحروا يوم بدر»(326).
42-
وقال عليه السلام فينا والله أهل بدر نزلت
﴿ وَنَزَعْنَا
مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ
مُّتَقَابِلِينَ ﴾ 43
[الحجر:47](327)
43-
وقال عليه السلام: إني لأرجو أن أكون أنا
وعثمان والزبير وطلحة ممن قال الله: ﴿ وَنَزَعْنَا
مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ 43
[الحجر:47](328).
44-
وروي
أنه عليه السلام قال
في قوله تعالى: ﴿ ..وَإِنَّ
السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ 43
[الحجر:85]: «إن الصفح الجميل هو العفو
من غير عتاب» وقيل: هو العفو بغير تعنيف
وتوبيخ.(329).
45-
وروي
عنه عليه السلام في
قوله تعالى: ﴿ وَلاَ
تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ 43
[الإسراء:32]: قال:
«سمعت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم يقول: في الزنا ست خصال، ثلاث في الدنيا، وثلاث في الآخرة.
فأما اللواتي في الدنيا فيذهب بنور الوجه، ويقطع الرزق، ويسرع الفنا. وأما اللواتي
في الآخرة: فغضب الرب، وسوء الحساب، والدخول في النار، أو الخلود في
النار»(330).
46-
وقال عليه السلام في تفسير قوله تعالى:
﴿ وَمَن
قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي
الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ 43
[الإسراء:33]: «والإسراف في القتل أن
تقتل غير قاتلك، فقد نهى الله عن ذلك، وهو الغشم الذي نهى الله عنه»(331).
47-
وقال عليه السلام: «إذا حلف الرجل بالله فله
ثنياها إلى أربعين يوما وذلك أن قوما من اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وآله
وسلم عن شيء، فقال ائتوني غدا - ولم يستثن - حتى أخبركم، فاحتبس عنه جبرئيل عليه
السلام أربعين يوما ثم أتاه، وقال:
﴿ وَلا
تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً. إِلا أَنْ يَشاءَ الله وَاذْكُرْ
رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ﴾ 43
[الكهف:23
و24]»(332).
48-
روى أن يهوديا سأل على بن أبي طالب عليه
السلام عن مدة لبث أصحاب الكهف في كهفهم فأخبر بما في القرآن من قوله تعالى:
﴿ وَلَبِثُوا
فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ 43
[الكهف:25] فقال: إنا
نجد في كتابنا ثلاثمائة، فقال عليه السلام: ذاك بسني الشمس وهذا بسني
القمر(333).
49-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ الْمَالُ
وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ
عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ 43
[الكهف:46]: «المال والبنون حرث
الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام»(334).
50-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ
عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾ 43
[الكهف:83]: «إنه كان عبدا صالحا أحب
الله وأحبه الله وناصح الله وناصحه. قد أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه ضربة
بالسيف فذلك قرناه وفيكم مثله»(335).
51-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ
وُدًّا ﴾ 43
[مريم:96]: «محبة في قلوب
المؤمنين».
قلت رواه
السيوطي في الدر المنثور قال: وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس قال: نزلت
في علي بن أبي طالب «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن
ودا» قال: محبة في قلوب المؤمنين. وأخرج
الحكيم الترمذي وابن مردويه، عن علي بن أبي طالب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم عن قوله: «سيجعل لهم الرحمن ودا» ما هو؟ قال: المحبة، في قلوب المؤمنين، والملائكة
المقربين. يا علي، إن الله أعطى المؤمن ثلاثا. المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في
صدور الصالحين ﴾ 43
(336).
52-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ فَأَوْجَسَ
فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ﴾ 43
[طه:67]: «لم يوجس موسى عليه السلام
خيفةً على نفسه بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال»(337).
53-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّنِي
أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ
لِذِكْرِي ﴾ 43
[طه:14] «حدثنا رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، عن جبريل عليه السلام قال: قال الله عز وجل ﴿ أني أنا
الله لا إله إلا أنا فاعبدني» "من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص
دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي" ﴾ 43
(338).
54-
وقال عليه السلام في قول الله عز وجل:
﴿ وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنفُسُهُمْ
فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الصَّادِقِينَ ﴾ 43
[النور:6]: «من قذف امرأته فلا لعان
بينه وبينها حتى يدعي الرؤية فيقول: رأيت رجلا بين رجليها يزني بها»(339).
55-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ 43
[القصص:85] قال:
الجنة(340).
56-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ
اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ 43
[الأحزاب:69]: «إن موسى وهارون عليهما
السلام صعدا الجبل فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل أنت قتلته فأمر الله الملائكة
فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنه مات،
وبرأه الله من ذلك»(341).
57-
وقال عليه السلام في
قصة دواد النبي عليه السلام التي جاءت في سورة ص: «لا أوتى برجل يزعم أن
داود تزوج امرأة أوريا إلا جلدته حدين، حدا للنبوة وحدا للإسلام»(342).
قال ابن
جزي: وقد اختلف الناس في هذه القصة وأكثروا فيها قديما وحديثاً حتى قال علي بن أبي
طالب رضي الله عنه: «من حدث بما يقول هؤلاء القصاص في أمر داود عليه السلام جلدته
حدين لما ارتكب من حرمة من رفع الله محله»(343).
58-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ لِيُنذِرَ
مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ 43
[يس:70] أي من كان
عاقلاً(344).
59-
وقال عليه السلام: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل
آخر مجلسه حين يريد أن يقوم
﴿ سبحان
ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ﴾ 43.
أخرجه
السيوطي في الدر المنثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورواه أيضا عن علي بن
أبي طالب فقال: «وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ هذه
الآية ثلاث مرات ﴿ سبحان
ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ﴾ 43».
60-
وقال عليه السلام: إن الله - وله الحمد -
افتتح الكتاب بالحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومجيء الآخرة بالحمد لنفسه فقال:
﴿ وقُضِيَ
بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ﴾ 43
[الزمر:75](345).
61-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ
وَالإِنسِ ﴾ 43
[فُصِّلت:29]: «قال: إبليس الأبالسة وابن
آدم الذي قتل أخاه» وفي رواية أخرى عنه
عليه السلام: «﴿ فإنهما
ابن آدم القاتل، وإبليس الأبالسة. فأما ابن آدم فيدعو به كل صاحب كبيرة دخل النار
من أجل الدعوة. وأما إبليس فيدعو به كل صاحب شرك، يدعوانهما في النار»(346).
62-
وقال عليه السلام: «قال الله
تعالى: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلائِكَةُ أَلا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي
كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ 43
[فصلت:30]: وقد قلتم
ربنا الله فاستقيموا على كتابه وعلى منهاج أمره وعلى الطريقة الصالحة من عبادته. ثم
لا تمرقوا منها ولا تبتدعوا فيها ولا تخالفوا عنها، فإن أهل المروق منقطع بهم عند
الله يوم القيامة»(347).
63-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَمَا
أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن
كَثِيرٍ ﴾ 43
[الشورى:30] قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خير آية في كتاب الله هذه الآية، يا علي! ما من خدش عود ولا
نكبة قدم إلا بذنب وما عفا الله عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، وما عاقب
في الدنيا فهو أعدل من أن يثنى على عبده»(348).
64-
وقال عليه السلام: قيل للنبي هل عبدت وثنا
قط؟ قال: لا. قالوا: فهل شربت خمرا قط؟ قال: لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر وما
كنت أدرى ما الكتاب ولا الإيمان وبذلك نزل القرآن: ﴿ مَا
كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ ﴾ 43
[الشورى:52](349).
65-
وقد عاش وتفاعل عليه السلام مع قوله تعالى
﴿ وَيَوْمَ
يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي
حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ﴾ 43
[الأحقاف:20] وأمثالها
من الآيات المبينة لحقارة الدنيا وتفاهتها كقوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ
لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء
فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا. الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ
ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ 43
[الكهف:45-
46] وقوله سبحانه:
﴿ اِعْلَمُوا
أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ
وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ
نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي
الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ 43.
(الحديد:20]، فكانت حياته تفسيراً عملياً وتجسيدا حياً لهذه الآيات
الكريمة.
وفي هذا،
يروي الطبرسي في مجمع البيان فيقول: «وقال علي بن أبي طالب، عليه أفضل الصلوات، في بعض خطبه: والله
لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها؟ فقلت:
اغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى». وروى محمد بن قيس، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام
أنه قال: «والله إن
كان علي عليه السلام ليأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد، وإن كان ليشتري القميصين
فيخير غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإذا جاز كعبه حذفه،
ولقد ولي خمس سنين، ما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أورث بيضاء ولا
حمراء، وإن كان ليطعم الناس على خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله فيأكل خبز
الشعير، والزيت والخل، وما ورد عليه أمران كلاهما لله، عز وجل، فيه رضىً، إلا أخذ
بأشدهما على بدنه. ولقد أعتق ألف مملوك من كد يمينه، تربت منه يداه، وعرق فيه وجهه.
وما أطاق عمله أحد من الناس بعده، وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وإن
كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسين عليه السلام، ما أطاق عمله أحد من الناس
بعده». ثم إنه قد اشتهر في الرواية أنه
(أي أمير
المؤمنين علي) عليه السلام لما دخل
على العلاء بن زياد بالبصرة يعوده، قال له العلاء: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي
عاصم بن زياد، لبس العباءة، وتخلى عن الدنيا؟ فقال عليه السلام: علي به. فلما جاء
به قال: يا عدي نفسه! لقد استهام بك الخبيث. أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحل لك
الطيبات، وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك! قال: يا أمير المؤمنين!
هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك؟ قال: ويحك إني لست كأنت! إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا
أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره ﴾ 43
(350)
قلت ويتبيغ من باغ الدم بيغا وتبيغ: هاج وثار.
66-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى:
﴿ وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوَى ﴾ 43
[الفتح:26] هي لا إله
إلا الله(351).
67-
وقال عليه السلام في
قوله تعالى:
﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ 43
[الحجرات:13]: «قال النبي صلى الله عليه
وآله وسلم: "إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بين يدي الله تعالى غرلا
بهما فيقول الله: عبادي أمرتكم فضيعتم أمري، ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بها، اليوم
أضع أنسابكم، أنا الملك الديان أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله
أتقاكم»(352).
68-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَجَاءتْ
كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ 43
[ق:21].
﴿ سَائِقٌ
يَسُوقُهَا إِلَى مَحْشَرِهَا وَشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا
بِعَمَلِهَا ﴾ 43
(353).
69-
روي
أن ابن الكوا سأل أمير
المؤمنين علياً عليه السلام وهو يخطب على المنبر، فقال: ما ﴿ الذَّارِيَاتِ
ذَرْوًا ﴾ 43؟ قال:
الرياح، قال: ﴿ فَالْحَامِلاتِ
وِقْرًا ﴾ 43؟ قال:
السحاب. قال: ﴿ فَالْجَارِيَاتِ
يُسْرًا ﴾ 43؟ قال:
السفن. قال: ﴿ فَالْمُقَسِّمَاتِ
أَمْرًا ﴾ 43؟(354) قال:
الملائكة(355).
70-
وقال عليه السلام في قوله
تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءِ
ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ 43
[الذاريات:7]: معناه:
ذات الحسن والزينة(356).
71-
وروى عنه عليه السلام في معنى قول الله عز
وجل: ﴿ هَلْ
جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ ﴾ 43
[الرحمن:60] قال:
«سمعت رسول صلى الله
عليه وآله وسلم يقول: إن الله عز وجل قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا
الجنة»(357).
72-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَأَصْحَابُ
الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴾ 43
[الواقعة:27] «أصحاب اليمين: أطفال
المؤمنين»(358).
73-
وقال عليه السلام: «الزهد كله بين الكلمتين
من القرآن. قال الله سبحانه:
﴿ لِكَيْلا
تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ 43
[الحديد:23]. ومن لم
يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه»(359).
أقول:
فليكن فرح المؤمن الزاهد بما نال من ثواب الآخرة أكثر من فرحه بعوائد الدنيا كما
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ
بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا
يَجْمَعُونَ ﴾ 43
[يونس:58] ويؤيد هذا
المعنى وصيته عليه السلام لابن عباس رضي الله عنه حيث قال له: «فليكن سرورك بما نلت من
آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحاً، وما فاتك
منها فلا تأس عليه جزعاً»(360).
74-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ عُتُلٍّ
بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴾ 43
[القلم:13]: «الزنيم هو الهجين
الكافر»(361).
أقول: وقد
روى السيوطي في الدر المأثور أيضاً عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله:
«زنيم» قال: ولد الزنا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم
أما سمعت قول الشاعر:
زنيــم تداعتـه
الرجـال زيادة
كما زيد في عرض الأديم الأكارع
75-
وقال عليه السلام: «إن الله يبتلي عباده عند
الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب ويقلع
مقلع ويتذكر متذكر ويزدجر مزدجر وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سبباً لدرور الرزق
ورحمة الخلق فقال سبحانه: «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا. يرسل السماء عليكم
مدرارًا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا» [نوح:10-12]. فرحم
الله امرأً استقبل توتبه واستقال خطيئته وبادر منيته ﴾ 43
(362).
76-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..الآية ﴾ 43
[التحريم:6]: «علموا أنفسكم وأهليكم
الخير وأدبوهم»(363).
أقول: وروى
السيوطي في الدر المنثور نحو هذا عن رسول اللهص عن قوله
تعالى: ﴿ قُوا
أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ 43 قالوا: يا
رسول الله! كيف نقي أهلنا نارا؟ قال: "تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره
الله" ﴾ 43.
77-
وروي
أن رجلاً قام إلى علي
عليه السلام فقال: ﴿ فَالْعَاصِفَاتِ
عَصْفًا ﴾ 43
[المرسلات:2]. قال:
الرياح(364).
78-
وروي
أن علياً عليه السلام
نظر في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال: هذه كفاة الأموات أي مساكنهم. ثم نظر إلى
بيوت الكوفة فقال: هذه كفاة الأحياء ثم تلا قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ
نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا *
أَحْيَاء
وَأَمْوَاتًا ﴾ 43
[المرسلات:25
و26](365).
79-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
(والنازعات غرقًا) أنها الملائكة ينزعون أرواح الكفار عن أبدانهم
بالشدة(366).
أقول: من دان بالتوحيد فعليه أن يخاف مقام
ربه ويترك الهوى. قال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى.
فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ 43
[النازعات:40
و41].
80-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ كَلا
إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ 43
[المطففين:15] يعني
محرومون عن ثوابه وكرامته(367).
81-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ فَلا
أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴾ 43
[التكوير:15و
16] يعني النجوم تكنس
بالنهار وتبدو بالليل(368).
82-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَاللَّيْلِ
إِذَا عَسْعَسَ ﴾ 43
[التكوير:17] يعني: إذا
أدبر بظلامه(369). أقول:
"عسعس"
من الأضداد بمعنى "أقبل" و"أدبر" كما جاء في هذه الآية الكريمة بالمعنى الأخير.
83-
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قرأ
﴿ سَبِّحِ
اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾ 43 فقال:
سبحان ربي الأعلى، وهو في الصلاة! فقيل له: أتزيد في القرآن؟! قال: لا إنما أمرنا
بشيء فقلته(370).
84-
وقال عليه السلام: في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ 43
[الفجر:14] معناه: إن
ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم(371).
85-
وقال عليه السلام في قوله
تعالى:
﴿ وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ ﴾ 43
[البلد:10]: أي سبيل
الخير وسبيل الشر(372).
86-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ فَوَيْلٌ
لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ
يُرَاؤُونَ ﴾ 43
[الماعون:4-6]: «يراؤون
بصلاتهم»(373).
87-
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ ﴾ 43
[الماعون:7]، هي
الزكوة المفروضة(373).
+
+
+
الباب
الرابع
اقتباسات الإمام علي
عليه السلام من القرآن الكريم
كان علي
عليه السلام يأخذ عن آيات الذكر الحكيم شيئا كثيرا ويزين كلامه بها وإليك شطرا من
اقتباساته:
1.
قال عليه السلام:
«إلى الله أشكو من
معشر يعيشون جهالاً ويموتون ضلالاً ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته
ولا سلعة أنفق بيعاً ولا أغلى ثمناً من الكتاب إذا حرف عن مواضعه!»(374).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ
بِهِ ﴾ 43
[البقرة:121] وعن قوله
تعالى: ﴿ يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ﴾ 43
[المائدة:13].
2.
وقال عليه السلام:
«.. إن المال
والبنين حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، قد يجمعها لأقوام، فاحذروا من الله
ما حذركم من نفسه»(375).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله عز وجل: ﴿ الْمَالُ
وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ
عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ 43
[الكهف:49]، وعن قوله
تعالى: ﴿ مَن
كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن
نَّصِيبٍ ﴾ 43
[الشورى:20]، وعن قوله
تعالى: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ
اللّهُ نَفْسَهُ ﴾ 43
[آل
عمران:28].
3.
وقال عليه السلام
للخوارج بعد ما طلبوا منه أن يشهد لنفسه بالكفر جاهلين بإيمانه العظيم: «أبعد إيماني بالله وجهادي
مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشهد على نفسي بالكفر؟! لقد ضللت إذاً وما
أنا من المهتدين»(376).
أقول: أخذ
ذيل كلامه عن قوله تعالى: ﴿ قُل لاَّ
أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُهْتَدِينَ ﴾ 43
[الأنعام:56].
4.
وقال عليه السلام:
«أف لكم لقد سئمت
عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضاً وبالذل من العز خلفاً إذا دعوتكم إلى
جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة»(377).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ
الآخِرَةِ؟ ﴾ 43
[التوبة:38]. وعن قوله
عز وجل: ﴿ فَإِذَا
جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي
يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ 43
[الأحزاب:19].
5.
و قال عليه السلام:
«إن الله سبحانه لم
يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدًى... ولم يدعكم في جهالة ولا عمًى قد سمى آثاركم وعلم
أعمالكم وكتب آجالكم وأنزل عليكم الكتاب تبياناً لكل شيء وعمر فيكم نبيه أزماناً
حتى أكمل له وكم فيما أنزل من كتابه دينه الذي رضي لنفسه»(378).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ﴾ 43
[المؤمنون:115] وعن قوله
عز وجل: ﴿ أَيَحْسَبُ
الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى؟! ﴾ 43
[القيامة:36] وعن قوله
تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ﴾ 43
[النحل:89] وعن قوله
جل ذكره: ﴿ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ 43
[المادة:3].
6.
و قال عليه السلام:
«بعثه والناس ضلال
في حيرة....... فبالغ صلى الله عليه وآله في النصيحة ومضى على الطريقة، ودعا إلى
الحكمة والموعظة الحسنة»(379).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ
لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ 43
[الجمعة:2] وعن قوله
تعالى ذكره: ﴿ ادْعُ
إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ 43
[النحل:125].
7.
وقال عليه السلام:
«فإني أحذركم
الدنيا.... غرور ما فيها فانية، فان من عليها، لا خير في شيء من أزوادها إلا
التقوى»(380).
أقول:
﴿ فَلا
تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ 43
[فاطر:5] وعن قوله
جل وعلا: ﴿ كُلُّ
مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ 43
[الرحمن:26]. وعن قوله
عز وجل: ﴿ وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ 43
[البقرة:197].
8.
و قال عليه السلام:
«اعملوا ليوم تذخر
له الذخائر، وتبلى فيه السرائر»(381).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ
تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ﴾ 43
[الطارق:9-10].
9.
وقال عليه السلام لأبي
ذر رضي الله عنه: «...ولو أن السموات والأرضين كانتا على عبد رتقا، ثم اتقى
اللهً لجعل الله له منهما مخرجاً!»(382)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ 43
[الأنبياء:30] وعن قوله
جل ذكره: ﴿ وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ 43
[الطلاق:2].
10.
وقال عليه السلام:
«اللهم لك الحمد على
ما تأخذ وتعطي...حمداً لا ينقطع عدده ولا يفنى مدده، فلسنا نعلم كنه عظمتك
إلا أنا نعلم أنك حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم لم ينته إليك نظر ولم يدركك
بصر، أدركت الأبصار وأحصيت الأعمال وأخذت بالنواصي والأقدام»(383).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ اللّهُ
لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ
نَوْمٌ ﴾ 43
[البقرة:255] وعن قوله
عز وجل: ﴿ لاَّ
تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ﴾ 43
[الأنعام:103] وعن قوله
عز وجل: ﴿ يَوْمَ
يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ
وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ 43
[المجادلة:6]، وعن قوله
جل وعلا: ﴿ يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ ﴾ 43
[الرحمن:41].
11.
وقال عليه السلام:
«أيها المخلوق السوي
والمنشأ المرعي في ظلمات الأرحام، ومضاعفات الأستار، بدئت من سلالة من طين ووضعت في
قرار مكين إلى قدر معلوم وأجل مقسوم إلى آخر الخطبة»(384).
أقول: أخذ
أول كلامه من قوله تعالى: ﴿ الَّذِي
خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ 43
[الانفطار:7]، ثم أخذ
بقية كلامه من قول ربه حيث قال: ﴿ وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي
قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴾ 43
[المؤمنون:12-13]. وعن قوله
عز وجل: ﴿ أَلَمْ
نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ * جَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * إِلَى
قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ 43
[المرسلات:20-21-22].
12.
وقال عليه السلام:
﴿ أُوصِيكُمْ
عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا الزِّمَامُ وَالْقِوَامُ
فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا وَاعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُلْ بِكُمْ إِلَى
أَكْنَانِ الدَّعَةِ وَأَوْطَانِ السَّعَةِ وَمَعَاقِلِ الْحِرْزِ وَمَنَازِلِ
الْعِزِّ فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ وَتُظْلِمُ لَهُ الأَقْطَارُ
وَتُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ الْعِشَارِ وَيُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَزْهَقُ كُلُّ
مُهْجَةٍ وَتَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَةٍ وََذِلُّ الشُّمُّ الشَّوَامِخُ وَالصُّمُّ
الرَّوَاسِخُ فَيَصِيرُ صَلْدُهَا سَرَاباً رَقْرَقاً وَمَعْهَدُهَا قَاعاً
سَمْلَقاً فَلا شَفِيعٌ يَشْفَعُ وَلا حَمِيمٌ يَنْفَعُ وَلا مَعْذِرَةٌ
تَدْفَعُ ﴾ 43
(385).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَلاَ
تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ
لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ 43
[إبراهيم:24]. وعن قوله
عز وجل: ﴿ وَإِذَا
الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ 43
[التكوير:4] وعن قوله
تعالى شأنه: ﴿ يَوْمَ
يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴾ 43
[النبأ:18] وعن قوله
العزيز: ﴿ وَسُيِّرَتِ
الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ 43
[النبأ:20] وعن قوله
جل ذكره: ﴿ وَأَنذِرْهُمْ
يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ 43
[غافر:18] وعن قوله
تعالى: ﴿ يَوْمَ
لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ﴾ 43
[غافر:52].
13.
وقال عليه السلام:
«فكيف بكم لو تناهت
بكم الأمور وبعثرت القبور؟
﴿ هُنالِكَ
تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ
وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ 43»(386).
أقول: أخذ
أول كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا
الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾ 43
[الانفطار:4] وبقيته من
سورة يونس: الآية 30.
14.
وكتب عليه السلام إلى
معاوية: «... إنما
الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضًا فإن
خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير
سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى»(387).
وأقول: أخذ
ذيل كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَمَن
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى.. الآية ﴾ 43
[النساء:115].
15.
وقال عليه السلام في
دعائه: «اللهم إنا
نشكو إليك غيبة نبينا وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق
وأنت خير الفاتحين»(388).
أقول: أخذ
الجملة الأخيرة من هذا الدعاء عن آخر الآية 89 من سورة الأعراف، حيث قال سبحانه:
«.. وسع ربنا كل شيء
علمًا على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير
الفاتحين».
16.
وكتب عليه السلام إلى
معاوية:.... «ثم
ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه فأينا كان أعدى له
وأهدى إلى مقاتله أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفه أم من استنصره فتراخى عنه وبث
المنون إليه حتى أتى قدره عليه كلا والله لقد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين
لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً. وما كنت لأعتذر من أني كنت أنقم
عليه أحداثاً فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له فرب ملوم لا ذنب له وقد يستفيد
الظنة المتنصح وما أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
وإليه أنيب»(389).
أقول: أخذ
جزءاً من كلامه عن قوله تعالى: ﴿ قَدْ
يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ 43
[الأحزاب:18]، وجزءاً
آخر عن قوله عز شأنه: ﴿ .. وَمَا
أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ
الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ 43
[هود:88].
17.
وكتب عليه السلام في
وصيته لابنه الحسين عليه السلام: «وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة
لائم»(390).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا
فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ 43
[الحج:78] وعن قوله
العزيز: ﴿ يُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ﴾ 43
[المائدة:54].
18.
وكتب عليه السلام في
كتابه(392) للأشتر
النخعي حين ولاه مصر: «..فإنه جل اسمه قد تكفل
بنصر من نصره وإعزاز من أعزه. أقول: أخذه عن قوله تعالى: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ
اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ 43
[الحج:40] ثم كتب
عليه السلام: وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات ويزعها عند الجمحات فإن النفس أمارة
بالسوء إلا ما رحم الله».
أقول: أخذه
عن قوله تعالى: ﴿ إِنَّ
النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ ﴾ 43
[يوسف:53].
ثم كتب
عليه السلام: «فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من
عفوه وصفحه».
أقول: أخذه
عن قوله تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ 43
[النور:23].
ثم كتب
عليه السلام: «ولا
تعصر خدك لهم». أقول:
أخذه عن قوله تعالى: ﴿ وَلا
تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾ 43
[لقمان:18].
ثم كتب
عليه السلام: «وإياك
والمن على رعيتك بإحسانك.... فإن المن يبطل الإحسان». أقول: أخذه عن قول الله عز وجل: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ
وَالأذَى ﴾ 43
[البقرة:264].
19.
وكتب عليه السلام:
«... فإن الله
سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها وابتلى فيها أهلها ليعلم أيهم أحسن
عملاً»(393).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله عز وجل: ﴿ الَّذِي
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلا ﴾ 43
[الملك:2].
20.
وكتب عليه السلام:
«... من لج وتمادى
فهو الراكس الذي ران الله على قلبه وصارت دائرة السوء على رأسه»(394).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله عز وجل: ﴿ كَلاّ
بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ 43
[المطففين:14] وعن قوله
تعالى: ﴿ عَلَيْهِمْ
دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾ 43
[التوبة:98].
21. وكتب عليه السلام:
«ألا ترون إلى
أطرافكم قد انتقصت وإلى أمصاركم قد افتتحت؟!»(395).
أقول: أخذ
أول كلامه عن قوله العزيز: ﴿ ..أَفَلا
يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ
الْغَالِبُونَ ﴾ 43
[الأنبياء:44]، وعن قوله
عز وجل: ﴿ أَوَلَمْ
يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ 43
[الرعد:41].
22. وكتب عليه السلام إلى
معاوية: ﴿ ..
وَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ الأَغْلَفُ الْقَلْبِ ﴾ 43
(396).
أقول: أخذه
عن قوله تعالى: ﴿ وقالوُا
قُلُوبُنا غُلْفٌ ﴾ 43
[البقرة:88] وقوله
تعالى: ﴿ ..
وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا
بِكُفْرِهِمْ ﴾ 43
[النساء:155].
23. وكتب عليه السلام أيضا
إلى معاوية: «فما ذا
بعد الحق إلا الضلال المبين وبعد البيان إلا اللبس»(397)؟!
أقول: أخذه
عن قول الله تعالى: ﴿ فَذَلِكُمُ
اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾ 43
[يونس:32].
24.
وكتب عليه السلام إلى
معاوية أيضا: «...إن
أولى الناس بهذه الأمة قديما وحديثا أقربها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وأعلمها بكتاب الله وأفقهها في دين الله وأولها إسلاما وأفضلها جهادا وأشدها بتحمل
أمور الرعية اضطلاعا، فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ﴿ وَلاَ
تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ
تَعْلَمُونَ ﴾ 43»(398).
أقول: أخذ
عليه السلام ذيل كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُواْ
اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ 43
[المائدة:96] وقوله:
﴿ وَلاَ
تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ
تَعْلَمُونَ ﴾ 43
[البقرة:42].
25.
وكتب عليه السلام إلى
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «.... واخفض لرعيتك جناحك، وواس بينهم في مجلسك وليكن القريب
والبعيد عندك في الحق سواء، ولا تخف في الله لومة لائم فإن الله مع الذين اتقوا
والذين هم محسنون»(399).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 43
[الشعراء:215] وعن قوله
العزيز: ﴿ وَلاَ
يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 43
[المائدة:54] وعن قوله
عز وجل: ﴿ إِنَّ
اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾ 43
[النحل:128].
26.
وكتب عليه السلام إلى
معاوية: «... فاتق
الله ولا تكن ممن لا يرجو لله وقارا، ومن حقت عليه كلمة العذاب، فإن الله
بالمرصاد»(400).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ مَّا
لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ 43
[نوح:13] وعن قوله
العزيز: ﴿ وَلَكِنْ
حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ 43
[الزمر:71] وعن قوله
عز وجل: ﴿ إِنَّ
رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ 43
[الفجر:14].
27.
وكتب عليه السلام إلى
الخارجين باليمن: «﴿ ...فإني
أحمد الله الذي لا إله إلا هو الذي لا يعقب لحكمه ولا يرد له قضاء، ولا يرد بأسه عن
القوم المجرمين... فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها. وما ربك بظلام
للعبيد»(401).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى: ﴿ وَاللّهُ
يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ 43
[الرعد:41] وعن قوله
العزيز: ﴿ وَلاَ
يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ 43
[الأنعام:147] وعن قوله
عز وجل: ﴿ مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ
لِّلْعَبِيدِ ﴾ 43
[فصلت:46].
28.
وكتب عليه السلام إلى
أهل الكوفة: «...فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن الله حكم
عدل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مرد له
وما لهم من دونه من وال»(402).
أقول: أخذ
كلامه عن قوله تعالى في سورة الرعد: ﴿ ..إِنَّ
اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا
أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن
وَالٍ ﴾ 43
[الرعد:11] ونحو ذلك
ما في سورة الأنفال من قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ
بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ 43
[الأنفال:53].
29.
وكتب عليه السلام إلى
بعض من أرسله ليأخذ الصدقات.... ﴿ قَدْ
جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ
تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ
لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ﴾ 43 إذا أتاك
كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك حتى يأتي من يقبضه منك والسلام(403).
أقول: أخذ
كلامه من قوله تعالى في سورة الأعراف ﴿ وَإِلَى
مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ
إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ
وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي
الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ ﴾ 43
[الأعراف:85]، ومن قوله
تعالى في سورة هود: ﴿ وَيَا
قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ
النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ. بَقِيَّةُ
اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم
بِحَفِيظٍ ﴾ 43
[هود:85-86].
30.
وكتب عليه السلام إلى
ولده محمد رضي الله عنه «... واضمم آراء الرجال واختر أقربها إلى الصواب وأبعدها عن
الارتياب»(404).
أقول: أخذ
كلامه عن معنى قوله تعالى: ﴿ ..فَبَشِّرْ
عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ 43
[الزمر:17-18].
31. وقال عليه السلام:
«أعمال العباد في
عاجلهم نصب أعينهم في آجالهم»(405).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ
تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن
سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ
اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ﴾ 43
[آل
عمران:30]، وعن معنى قوله
تعالى: ﴿ يَوْمَ
يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى ﴾ 43
[النازعات:35].
32. وقال عليه السلام:
«يا ابن آدم إذا
رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره»(406).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا
نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى
إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم
مُّبْلِسُونَ ﴾ 43
[الأنعام:44]
33. وقال عليه السلام:
«ما أضمر أحد شيئاً
إلا ظهر في فلتات لسانه»(407).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ قَدْ
بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُ ﴾ 43
[آل
عمران:118]، وقوله تعالى:
﴿ ..وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ
فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ 43
[محمد:30].
34. وقال عليه السلام:
«أفضل الزهد إخفاء
الزهد»(408).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ إِن
تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء
فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ﴾ 43
[البقرة:271].
35. وقال عليه السلام:
«إذا كنت في إدبار
والموت في إقبال فما أسرع الملتقى»(409).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ قُلْ
إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ﴾ 43
[الجمعة:8].
36. وقال عليه السلام:
«كن سمحاً ولا تكن
مبذراً وكن مقدراً ولا تكن مقتراً»(410)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ
إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ
قَوَامًا ﴾ 43
[الفرقان:67].
37. وقال عليه السلام:
«إذا حييت بتحية فحي
بأحسن منها»(411)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا
حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ
كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ 43
[النساء:86]
38.
وقال عليه السلام:
«الفقيه كل الفقيه:
من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يؤمنهم من مكر
الله»(412)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن
رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ 43
[الزمر:53] ومعنى
قوله تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُواْ
مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ
الْخَاسِرُونَ ﴾ 43
[الأعراف:99].
39. وقال عليه السلام:
«لا يقل عمل مع
التقوى وكيف يقل ما يتقبل؟»(413)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ ..
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ 43
[المائدة:27]
40.
وقال عليه السلام:
«كم من مستدرج
بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه وما ابتلى الله أحداً
بمثل الإملاء له»(414)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: «.. سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم إن كيدي
متين» [القلم:44-45].
41. وقال عليه السلام:
«عجبت لمن أنكر
النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى»(415)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ قُلْ
سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ
النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 43
[العنكبوت:20]، ومن قوله
تعالى: ﴿ أَفَعَيِينَا
بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ 43
[سورة
ق:15]
42.
وقال عليه السلام:
«ما كان الله ليفتح
على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه
باب الإجابة ولا ليفتح لعبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة»(416).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ 43
[إبراهيم:7]،ومن قوله
سبحانه: ﴿ وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ 43
[غافر:60]، وقوله
تعالى: ﴿ وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ ﴾ 43
[البقرة:186]، ومن قوله
تعالى: ﴿ فَمَن
تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ
اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ 43
[المائدة:39]، وقوله
سبحانه: ﴿ إِنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ
يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ
عَلِيماً حَكِيماً ﴾ 43
[النساء:17].
43. وقال عليه السلام:
«تكلموا تعرفوا فإن
المرء مخبوء تحت لسانه»(417)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ ..وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ
فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ 43
[محمد:30].
44. وقال عليه السلام:
«لا تكن ممن يرجو
الآخرة بغير عمل»(418)
أقول: أخذه
عن معنى قوله العزيز: ﴿ لَّيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ
بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا. وَمَن يَعْمَلْ
مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ 43
[النساء:123-124]. ومن قوله
تعالى: ﴿ ..فَمَن
كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ 43
[الكهف:110]. وقوله
تعالى: ﴿ الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ
الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 43
[النحل:32].
45.
وقال عليه السلام:
«لا تكن ممن يعجب
بنفسه إذا عوفي ويقنط إذا ابتلي إن أصابه بلاء دعا مضطراً وإن ناله رخاء أعرض
مغتراً»(419).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا
مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ
إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا
يَعْلَمُونَ ﴾ 43
[الزمر:49]، وقوله
تعالى: ﴿ لا
يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ
قَنُوطٌ ﴾ 43
[فصلت:49]، وعن معنى
قوله تعالى: ﴿ وَإِذَآ
أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا ﴾ 43
[الإسراء:83]، وعن معنى
قوله عز وجل: ﴿ وَإِذَا
مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ
نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ
أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ﴾ 43
[الزمر:8]
46. وقال عليه السلام:
«لكل امرئ عاقبة
حلوة أو مرة»(420).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ
يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ
وَسَعِيدٌ ﴾ 43
[هود:105]، ومعنى
قوله تعالى: ﴿ ..وَتُنذِرَ
يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي
السَّعِيرِ ﴾ 43
[الشورى:7].
47. وقال عليه السلام:
«الناس أعداء ما
جهلوا»(421)
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ بَلْ
كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ
تَأْوِيلُهُ ﴾ 43
[يونس:39].
48. وقال عليه السلام:
«من استقبل وجوه
الآراء عرف مواقع الخطإ»(422).
أقول: أخذه
عن معنى قوله العزيز: ﴿ ...فَبَشِّرْ
عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ 43
[الزمر:17-18].
49. وقال عليه السلام:
«آلة الرياسة سعة
الصدر»(423).
أقول: أخذه
عن معنى قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ 43
[آل
عمران:159].
50.
وقال عليه السلام:
«ما اختلفت دعوتان
إلا كانت إحداهما ضلالةً»(424). أقول:
أخذه عن معنى قوله تعالى: ﴿ ...
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ 43
[يونس:32].
هذا غيض من
فيض ونهر من بحر الكلام المأثور عن أمير المؤمنين علي عليه السلام المقتبس من مشكاة
القرآن وإن تأملت في سائر كلماته تعرف معنى الحديث المروي عن النبي الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم حيث قال: «علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
يوم القيامة»(425).
وتم الكتاب بعون
العزيز الوهاب، والحمد لله أولا وآخراً..
+
+
+
+++ |
قائمة المراجع
والمصادر |
+++ |
(1)
الإتقان في علوم
القرآن, للسيوطي.
(2)
الاحتجاج،
للطبرسي.
(3)
الأخبار الطوال،
للدينوري.
(4)
الإرشاد، للشيخ محمد
بن النعمان المفيد.
(5)
أصول الكافي،
للكليني.
(6)
الاعتصام بحبل الله،
للقاسم بن محمد (من أئمة الشيعة الزيدية).
(7)
أمالي أحمد بن عيسى.
(من كتب الحديث لدى الشيعة الزيدية).
(8)
أنساب الأشراف،
للبلاذري.
(9)
بحار الأنوار، للعلامة
المجلسي.
(10)
البرهان في تفسير القرآن، للمحدث
البحراني.
(11)
تاريخ الأمم والملوك، للطبري.
(12)
تاريخ اليعقوبي، لليعقوبي
(13)
تاريخ بغداد، للخطيب
البغدادي.
(14)
تحف العقول عن آل الرسول، لابن شعبة
الحراني
(15)
تفسر جوامع الجامع، لأبي علي الفضل بن
الحسن الطبرسي.
(16)
تفسير الطبري: جامع البيان في تفسير آي
القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.
(17)
تفسير العياشي، لمحمد بن مسعود
العياشي.
(18)
تفسير الكشاف، لجار الله محمود بن عمر
الزمخشري المعتزلي.
(19)
تفسير علي بن إبراهيم
القمي.
(20)
تفسير كشف الأسرار وعدة الأبرار، لأبي
الفضل الميبدي.
(21)
تنقيح المقال في علم الرجال، عبد الله
الممقاني.
(22)
تهذيب الأحكام، لشيخ الطائفة أبي جعفر
الطوسي.
(23)
التوحيد، لابن بابويه
القمي
(24)
تيسير المطالب في أمالي أبي طالب، للسيد
أبي طالب من أئمة الزيدية.
(25)
جامع الرواة، للأردبيلي.
(26)
الجامع الصحيح،
للترمذي.
(27)
الجامع الصغير من حديث البشير النذير
للسيوطي.
(28)
الحاكم الجشيمي ومنهجه في تفسير
القرآن.
(29)
حجة القراءات، لأبي زرعة (عبد الله بن
محمد).
(30)
خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، للعلامة
الحلي.
(31)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال
الدين السيوطي
(32)
دعائم الإسلام، للقاضي النعمان بن محمد.
(33)
الروضة من الكافي، للكليني.
(34)
سنن ابن ماجة، لابن ماجة
القزويني.
(35)
سنن أبي داود، لأبي داود
السجستاني.
(36)
سنن النسائي، لأبي شعيب
النسائي.
(37)
شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد
المعتزلي.
(38)
الصافي في تفسير القرآن الكريم، للفيض
الكاشاني.
(39)
صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج النيشابوري.
(40)
صحيحه البخاري، لمحمد بن إسماعيل
البخاري.
(41)
الطبقات الكبرى، لابن
سعد.
(42)
عيون أخبار الرضا، للشيخ الصدوق محمد بن
علي بن بابويه القمي.
(43)
الغارات، للثقفي.
(44)
فرائد الأصول، للشيخ
الأنصاري.
(45)
الفروع من الكافي،
للكليني
(46)
فروق اللغات، للجزائري.
(47)
الفهرست، للشيخ الطوسي.
(48)
الفهرست، لمحمد بن إسحاق
النديم.
(49)
الكامل في التاريخ، لابن الأثير
الجزري
(50)
كتاب التسهيل لعلوم التنزيل، لمحمد بن أحمد
بن جزي الكلبي.
(51)
كتاب المعيار والموازنة، لأبي جعفر
الإسكافي المعتزلي.
(52)
كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق، لعبد
الرؤوف المناوي.
(53)
مجمع البحرين ومطلع النيرين، للشيخ فخر
الدين الطريحي النجفي.
(54)
مجمع البيان في تفسير
القرآن،
لأبي علي الفضل بن
الحسن الطبرسي.
(55)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز،
لابن عطية الأندلسي.
(56)
مستدرك نهج البلاغة، لكاشف الغطاء.
(57)
مسند الإمام زيد بن علي، للإمام زيد بن علي
عليه السلام.
(58)
المسند، للإمام أحمد بن
حنبل.
(59)
مصباح المتهجد, لأبي جعفر
الطوسي.
(60)
معاني الأخبار، للشيخ الصدوق محمد بن علي
بن الحسين بن بابويه القمي.
(61)
مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار، لمحمد بن
عبد الكريم الشهرستاني.
(62)
مقدمتان في علوم القرآن,
(63)
من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق محمد بن
علي بن بابويه القمي
(64)
مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب
المازندراني.
(65)
نهج البلاغة، جمعه الشريف الرضي من كلام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
(66)
وسائل الشيعة إلى
تحصيل مسائل الشريعة، للحر العاملي.
(67)
وقعة صفين، لنصر بن
مزاحم الثقفي.
+
+
+
+++ |
الهوامش |
+++ |
(1) أشير
إلى قوله عليه السلام: إنا لأمراء الكلام وفينا تنشبت عروقه وعلينا تهدلت غصونه
(راجع: نهج البلاغة, خ:23).
(2)
قال
الشيخ الأنصاري في فرائده: الأخبار الواردة في طرح الأخبار المخالفة للكتاب والسنة
ولو مع عدم المعارض متواترة جداً (راجع: فرائد الأصول, المقصد الثاني في
الظن).
(3)
أخرجه
الترمذي في سننه: 50-كتاب المناقب/ 21-باب مناقب علي بن أبي طالب، (ح:3729)،
(5/640)، ثم قال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن جابر، وزيد بن
أسلم وأبي هريرة وأم سلمة". وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى:
(2/338).
(4)
مكحول:
فقيه الشام في عصره، كان من حفاظ الحديث، توفي (112هـ).
(5)
جامع
البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت:310هـ)، عند
تفسيره لقوله تعالى في سورة الحاقة: ﴿ لنجعلها لكم تذكرةً وتعيها أذن
واعية ﴾ 43،
(29/55).
(6)
لا شك
أنه ليس مقصود الإمام عليه السلام من هذا الكلام التفاخر، فقد كان أبعد الناس عن
الفخر والخيلاء، وإنما قصد من كلامه حث المسلمين الجدد وأجيال المسلمين على المجيء
إليه لتعلم علوم القرآن لينهلوا من غزير معرفته، وهذا مثل قوله عليه السلام
﴿ سلوني قل أن تفقدوني! ﴾
43 أي
استفيدوا من علمي قبل أن أرتحل إلى جوار ربي فلا تجدونني لتسألوني.
(7)
الطبقات
الكبرى، لابن سعد، (ج:2، ق:2، ص:101).
(8)
مجاهد
بن جبر، من قراء التابعين وعلمائهم في التفسير، نهل من معين عبد الله بن عباس فصار
من أشهر المفسرين في مكة، توفي سنة (104هـ).
(9)
جامع
البيان: (28/20).
(10)
هو محمد
بن سيرين البصري من كبار علماء التابعين وفقهاء السلف المشهورين توفي سنة (110هـ).
(11)
سويد بن
غفلة الجعفي-كما يقول العلامة الحلي-من أصحاب الإمام علي عليه السلام (انظر خلاصة
الأقوال في معرفة الرجال، للعلامة الحلي، (ص:163).
(12)
تاريخ
الأمم والملوك للطبري: (6/114).
(13)
راجع:
مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، (2/52).
(14)
سعيد بن
المسيب من كبار التابعين وأحد فقهاء المدينة السبعة ومن المعاصرين للإمام علي عليه
السلام والآخذين عنه. يذكر العلامة الحلي في كتابه الرجالي "خلاصة الأقوال" أن سعيد
بن المسيب تربى على يدي علي عليه السلام.
(15)
مجمع
البيان في تفسير القرآن (10/613-614)، أو (29/140).
(16)
زر بن
حبيش الأسدي الكوفي، من أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال عنه ابن حجر في
"تقريب التهذيب": (ثقة جليل مخضرم مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين هجرية
وهو ابن (127)
سنة).
(17)
انظر
بحار الأنوار للمجلسي: (89/206).
(18)
يبدو
أنه من تصحيفات النساخ وأنه نفس زر بن حبيش المذكور آنفاً، حيث لا ذكر في كتب
الرجال لرجل اسمه: رزين بن حصين!! والتشابه بين طريقة كتابة الاسمين بلا نقاط
واضح.
(19)
السيوطي
في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ذيل تفسيره للآية (20) من
سورة الشورى.
(20)
مناقب
آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، (2/120).
(21)
يشير
إلى الصحيفة الجامعة التي كان يضعها في قراب سيفه وكان يدون فيها أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وما يتلقفه عنه من العلم. وقد نقلت كتب الحديث عند
الفريقين كثير من محتوياتها.
(22)
انظر
صحيح البخاري: 168-باب فكاك الأسير، وسنن الترمذي: ج2: أبواب الديات عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم: 16-باب ما جاء لا يقتل مسلم بكافر، وسنن ابن ماجة: ج2، باب لا
يقتل مسلم بكافر، وانظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ذيل تفسيره
لقوله تعالى ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ﴾
43 الآية
(59) من
سورة النساء.
(23)
سنن
النسائي: ج8، كتاب القسامة، باب سقوط القود من المسلم
للكافر.
(24)
انظر
تفسير الطبري ذيل تفسيره لقوله تعالى: ﴿ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول
العابدين ﴾ 43
[الزخرف:81] وتفسير الدر المنثور للسيوطي ذيل تفسيره لقوله تعالى ﴿ وحمله
وفصاله ثلاثون شهرًا ﴾ 43
[الأحقاف:15]، وتفسير القرطبي، ذيل تفسيره للآيتين المذكورتين.
(25)
انظر:
الأخبار الطوال، للدينوري، (ص:208-209).
(26)
تاريخ
الأمم والملوك للطبري، (5/66). والكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري،
(3/328).
(27)
كان
عامل علي عليه السلام على الري وهمدان وأصفهان.
(28)
راجع
تاريخ اليعقوبي: (2/200-201).
(29)
كتاب
"وقعة صفين" لنصر بن مزاحم الثقفي، (ص:231).
(30)
كتاب
"وقعة صفين" لنصر بن مزاحم الثقفي، (ص:235).
(31)
سليمان
بن صرد الخزاعي أبو مطرف الكوفي رضي الله عنه، صحابي جليل وكان أيضاً من أصحاب
وشيعة الإمام علي عليه السلام، استشهد بعين الوردة سنة (65هـ).
(32)
المصدر
السابق: (ص:519).
(33)
المصدر
السابق، (ص:125).
(34)
من
شعراء الجاهلية.
(35)
المصدر
السابق، (ص:142-143).
(36)
المصدر
السابق، (ص:528-529).
(37)
انظر
نهج البلاغة، للشريف الرضي، (ص:422).
(38)
انظر
تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، (14/321).
(39)
راجع
روضة الكافي للكليني، (ص:386)، ونهج البلاغة، الخطبة (147)، على
اختلاف يسير بين رواية الكليني ورواية الشريف الرضي.
(40)
نهج
البلاغة، الخطبة (176).
(41)
نهج
البلاغة، الخطبة (156).
(42)
نهج
البلاغة، الخطبة (176).
(43)
نهج
البلاغة، الخطبة (183).
(44)
نهج
البلاغة، الخطبة (158).
(45)
نهج
البلاغة، الخطبة (110).
(46)
نهج
البلاغة، الخطبة (133).
(47)
نهج
البلاغة، حكم أمير المؤمنين، حكمة (رقم:313).
(48)
نهج
البلاغة، الخطبة (18).
(49)
نهجالبلاغة،
خطبة (87).
(50)
نهج
البلاغة، خطبة (87).
(51)
نهج
البلاغة، خطبة (147).
(52)
الروضة
من الكافي، للكليني (حديث الفقهاء والعلماء) ح رقم (3).
(53)
نهج
البلاغة، خطبة (176).
(54)
نهج
البلاغة، خطبة (133).
(55)
نهج
البلاغة، الكتاب (53) (عهده
للأشتر النخعي).
(56)
نهج
البلاغة، الحكمة (105)،
(ص:487).
(57)
نهج
البلاغة، خطبة (105)
(58)
الصافي
في تفسير القرآن الكريم، للفيض الكاشاني، (1/18) أو (ص:31)، ومفاتيح الأسرار
ومصابيح الأبرار لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني، (1/27).
(59)
أخرجه
الترمذي في الجامع الصحيح: ج5، باب ما جاء في فضل القرآن، (ص:185)، وجاء مثله في
تفسير العياشي (1/3).
(60)
صحيح
البخاري، لمحمد بن إسماعيل البخاري، (ج:1) (باب كتابة العلم)، (ص:38).
(61)
انظر
كتاب الصافي في تفسير القرآن، للفيض الكاشاني، (1/22).
(62)
الصافي
في تفسير القرآن، (1/22).
(63)
معاني
الأخبار، الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي،
(ص:226).
(64)
انظر:
كتاب "الحاكم الجشيمي ومنهجه في تفسير القرآن" ص416.
(65)
انظر
كتاب "الفهرست" لمحمد بن إسحاق النديم, (ص:48) باب "ترتيب سور القرآن في مصحف أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه".
(66)
انظر:
تفسير "مجمع البيان" للطبرسي, عند تفسير سورة الإنسان.
(67)
أي سورة
الفيل.
(68)
انظر:
مقدمتان في علوم القرآن, ص14و15.
(69)
انظر
ذيل الحديث في (ص:8) من كتابنا هذا.
(70)
راجع:
رواية ابن عباس في مجمع البيان للطبرسي، عند تفسير سورة الإنسان.
(71)
المصدر
السابق.
(72)
المصدر
السابق.
(73)
قارن:
بين سورة هود: (13) وسورة
يونس: (38) وراجع:
قول "مجاهد" من قدماء المفسرين في كتاب الفهرست (لمحمد بن اسحق) حيث قدم سورة هود
على سورة يونس.
(74)
راجع:
تاريخ اليعقوبي، المجلد الثاني، (ص:135).
(75)
المشهور
بين المفسرين أن فاتحة الكتاب أنزلت بعد نزول خمس آيات من سورة العلق.
(76)
الدر
المنثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي، (1/3).
(77)
المصدر
السابق.
(78)
سورة
الحجر: (87).
(79)
انظر
"عيون أخبار الرضا"، لابن بابويه القمي، (ص:167).
(80)
تفسير
"الدر المنثور" للسيوطي، ذيل تفسيره لسورة الفاتحة.
(81)
كتاب
"التوحيد" لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي،
(ص:231-231).
(82)
تفسير
الدر المنثور، للسيوطي، (1/9).
(83)
انظر
نهج البلاغة، الخطبة (177).
(84)
انظر
تفسير كشف الأسرار وعدة الأبرار، لأبي الفضل الميبدي،
(1/13).
(85)
انظر
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر بن جرير الطبري،
(1/60).
(86)
تفسر
جوامع الجامع لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، (1/9).
(87)
تفسير
مجمع البيان للطبرسي، (1/58).
(88)
سبق
تخريج الحديث قبل صفحات حيث أخرجه من أهل السنة: الترمذي والدرامي في سننهما،
وأخرجه من الإمامية: العياشي في تفسيره.
(89)
راجع:
البرهان في تفسير القرآن، للمحدث البحراني، (1/52).
(90)
انظر
عيون أخبار الرضا، لابن بابويه القمي، (ص:166-167). هذا وقد روى نحوه من أهل
السنة-بلفظ أقل وأكثر اختصاراً بكثير-مسلم في صحيحه، وأصحاب السنن الأربعة أبو
داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأحمد في مسنده.
(91)
الروايات
كلها من تفسير الدر المنثور للسيوطي ذيل تفسيره لآية الكرسي.
(92)
الأصبغ
بن نباتة التميمي كان من أصحاب علي وخاصته.
(93)
راجع:
وقعة صفين, لنصر بن مزاحم, ص231.
(94)
ذكرها
محمد بن نعمان المفيد في كتابه "الإرشاد" في عداد أولاد علي بن أبي طالب عليه
السلام.
(95)
انظر:
الاتقان في علوم القرآن, للسيوطي, (4/10).
(96)
جامع
البيان عن تأويل آي قرآن, للطبري, (16/ص44.
(97)
الأمين
أي المؤتمن, من أسمال الله تعالى.
(98)
انظر:
الإتقان, لليسوطي, (2/9).
(99)
انظر:
معاني الأخبار, لابن بابويه, ص44،و"التوحيد" له أيضاً ص244.
(100)
راجع:
كشف الأسرار وعدة الأبرار, لأبي الفضل الميـبدي, ص6.
(101)
انظر
مجمع البيان, للطبرسي, (1/68).
(102)
انظر
جامع البيان, للطبري, (1/90).
(103)
انظر
جامع البيان, للطبري, (1/88).
(104)
قال
عليه السلام عن عجز العقول عن اكتناه علمه وغيبه: ﴿ حار دون
ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون
غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول) (تيسير المطالب
في أمالي أبي طالب، (ص:198).
(105)
ولسائل
أن يسأل: ما الحكمة في إنزال الله سبحانه آيات متشابهات لا يعلم معناها أحد إلا
الله نفسه؟! والجواب: ليس فهم معاني الآيات هو المشكل-سواء محكماتها أو
متشابهاتها-لأنها لم تخرج عن أساليب كلام العرب لغةً وإعراباً وإنما الإشكال في فهم
"تأويل المتشابه منها" أي معرفة حقائقها ومصاديقها، كحقيقة العرش، واللوح المحفوظ،
وكتاب الأعمال، وأمثال هذه الأمور الغيبية.
(106)
راجع
نهج البلاغة، الخطبة (91)، وشرحه
لابن أبي الحديد (2/538) وكتاب "التوحيد" لابن بابويه: (ص:55-56)، ورواه أيضاً من
أئمة الزيدية السيد أبو طالب في أماليه (ص:202) بإسناده عن زيد بن أسلم مع اختلاف
يسير في بعض ألفاظه فلا يوجد فيه: (مما ليس في الكتاب فرضه ولا في سنة النبي ص
وأئمة الهدى أثره) وهكذا روى ابن عبد ربه شطراً منه في العقد الفريد.
(107)
فبناء
على ذلك "الواو" في قوله تعالى: ﴿ والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من
عند ربنا ﴾ 43
للاستئناف وليست عطفاً.
(108)
من هنا
نفهم وجه غضب الإمام عليه السلام، حين سأله الرجل عما نهاه القرآن أن يخوض
فيه.
(109)
نهج
البلاغة، خطبة (219).
(110)
نهج
البلاغة، خطبة (180).
(111)
وفي هذه
العبارة يشير الإمام عليه السلام إلى توحيد الخالقية.
(112)
الأنبياء:
(26-27).
(113)
نهج
البلاغة، خطبة (90).
(114)
نهج
البلاغة، خطبة (184).
(115)
عمران
بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي من أفاضل الصحابة، أسلم عام خيبر وكان فاضلاً، وكان
من أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام توفي بالبصرة سنة (52هـ).
(116)
ورواه
من أهل السنة مسلم في صحيحه ولم يذكر اسم أميرهم: ولفظ روايته بسنده عن عائشة أن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً على سرية. وكان يقرأ لأصحابه في
صلاتهم فيختم بـ﴿ قل هو الله أحد ﴾
43. فلما
رجعوا ذكر ذلك لرسول الله صل. فقال: "سلوه. لأي شيء يصنع ذلك؟". فسألوه. فقال:
لأنها صفة الرحمن. فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"أخبروه أن الله يحبه".
(117)
راجع
مجمع البيان للطبرسي، الجزء الثلاثون، (ص:232)، وكتاب: "معاني الأخبار" لابن بابويه
القمي، (ص:5).
(118)
شريح بن
هانئ بن يزيد الحارثي، كان من خلص أصحاب علي عليه السلام (تنقيح المقال:
(2/83).
(119)
كتاب
"التوحيد" لابن بابويه، (ص:83).
(120)
نهج
البلاغة، الخطبة (184).
(121)
راجع
كشف الأسرار وعدة الأبرار، للميبدي، (10/662).
(122)
عاصم بن
حميد (بضم الحاء) الحناط الحنفي أبو الفضل، مولى كوفي، ثقة، عين، صدوق (خلاصة
الأقوال)، للحلي، (ص:220).
(123)
أصول
الكافي، للكليني، (1/91).
(124)
نهج
البلاغة، الخطبة (96).
(125)
سنن
الترمذي، (5/440)، وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(126)
نهج
البلاغة، الخطبة (213).
(127)
نهج
البلاغة، الخطبة (182).
(128)
الحارث
ابن عبد الله الأعور الهمداني، كان من ثقات أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، نص
على توثيقه علماء الشيعة في كتب رجالهم ووثقه بعض العلماء من أهل السنة كابن معين
وغيره.
(129)
جاء في
رواية الطبرسي في كتابه "الاحتجاج" (ص:110) عبارة "يا ويلك!" مكان "ثكلتك أمك" وهذا
أليق بكلام علي عليه السلام وخلقه.
(130)
الغارات
للثقفي، (1/111).
(131)
نهج
البلاغة، الخطبة (1).
(132)
نهج
البلاغة، الخطبة (65).
(133)
نهج
البلاغة، الخطبة (179).
(134)
نهج
البلاغة، الخطبة (186).
(135)
نهج
البلاغة، الخطبة (163).
(136)
نهج
البلاغة، الخطبة (86).
(137)
الأصول
من الكافي، (1/86)، وقريباً منه ذكره السيد أبو طالب من أئمة الزيدية في أماليه.
(ص:190).
(138)
سورة
البقرة: (115).
(139)
كتاب
"التوحيد" لابن بابويه القمي، (ص:182).
(140)
نهج
البلاغة، الخطبة (151).
(141)
نهج
البلاغة، الخطبة (210).
(142)
راجع:
مصباح المتهجد, لأبي جعفر الطوسي، (ص:584).
(143)
سورة
الذاريات: (49).
(144)
أصول
الكافي، (1/138-139)، وارن بينه وبين ما في نهج البلاغة، الخطبتين:
(179-186).
(145)
راجع:
تفسير الكشاف للزمخشري-رحمة الله-حيث يقول: (ومن كل شيء) أي: من كل شيء من الحيوان
(خلقنا زوجين) ذكراً وأنثى!
(146)
سورة
لقمان: (34).
(147)
الإخبار
عن فتنة الأتراك من أعلام النبوة، فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير
واحد من الصحابة، وأثبته البخاري في صحيحه قبل أن تحدث فتنة الأتراك في التاريخ
(انظر صحيح البخاري: كتاب الجهاد، باب قتال الترك، (ص:52).
(148)
سورة
لقمان: (34).
(149)
نهج
البلاغة، الخطبة (128).
(150)
مسند
الإمام أحمد بن حنبل، (5/353).
(151)
سورة
المائدة: (35)
(152)
نهج
البلاغة، الخطبة (110). وقارن
بما في كتاب "تحفة العقول عن آل الرسول" للحسن بن شعبة الحراني، (ص:144)، وكتاب "من
لا يحضره الفقيه" لابن بابويه القمي، (1/205).
(153)
سورة
الأنفال: (33).
(154)
نهج
البلاغة، باب المختار من حكمه عليه السلام: (88) ،
وقارن: تذكرة الخواص، لسبط ابن الجوزي، (ص:125)، وتفسير "مجمع البيان" للطبرسي،
تفسير سورة الأنفال: آية (33).
(155)
تفسير
"جامع البيان" للطبري، (9/235).
(156)
انظر
"المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، لابن عطية الأندلسي، (1/18).
(157)
جزء من
الآية (59)، من
سورة النساء.
(158)
هو مالك
بن الحارث الأشتر النخعي، كان من أشجع أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام
وأبرزهم. روي أن علياً عليه السلام قال فيه بعد موته: لقد كان لي، كما كنت لرسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم (راجع خلاصة الأقوال، للعلامة الحلي،
(ص:277).
(159)
نهج
البلاغة، الكتاب (53)، و"تحف
العقول"، (ص:130).
(160)
هو سعد
بن معاذ رضي الله عنه من أجلاء الصحابة الأنصار وزعيم طائفة الأوس، استشهد بعد غزوة
الأحزاب سنة خمس للهجرة.
(161)
سورة
الأحزاب: (21).
(162)
إذا قتل
المحرم طائراً فجزاؤه أن يقوم مثله ذوا عدل من المسلمين-كما نصت عليه الآية-ثم
يشتري بثمنه طعاماً ويتصدق به كفارة لصيده في الإحرام.
(163)
انظر
كتاب "الاحتجاج" للطبرسي، (ص:100).
(164)
نهج
البلاغة، الخطبة (183).
(165)
نهج
البلاغة، باب المختار من حكمه: (93).
(166)
أخرج
البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم
لو أن نهراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمسا، ما تقول: ذلك يبقي من درنه؟.
قالوا: لا يبقى من درنه شيئا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها
الخطايا» 43. ج1،
كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة.
(167)
نهج
البلاغة، الخطبة (رقم:199)، (ص:316-317).
(168)
عدة
الشيخ الطوسي في فهرسته من أصحاب أمير المؤمنين علي (ع).
(169)
راجع
الفروع من الكافي، (5/36).
(170)
مسند
زيد بن علي، (ص:111).
(171)
راجع:
جامع البيان: للطبري، (6/112).
(172)
انظر:
مجمع البيان، للطبرسي، (6/35).
(173)
راجع:
جامع البيان، للطبري، (6/115).
(174)
انظر:
تهذيب الأحكام، (1/103). وقارن بينه وبين ما رواه أبو خالد الوسطى في "مسند الإمام
زيد (ص:8)" عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام.
(175)
راجع:
الدر المنثور، للسيوطي، (2/262).
(176)
انظر:
جامع البيان، (6/127).
(177)
انظر:
حجة القراءات، لأبي زرعة (عبد الله بن محمد)، ص221.
(178)
راجع:
تفسير الدر المنثور للسيوطي، ذيل تفسيره للآية (222) من
سورة البقرة.
(179)
راجع:
مجمع البيان، للطبرسي، (2/262).
(180)
راجع:
جامع البيان، (2/558).
(181)
انظر في
ذلك ما جاء في تفسير سورة ص~ الآيات: (31-32).
(182)
انظر:
جامع البيان، (2/560).
(183)
راجع:
الدر المنثور، (3/209).
(184)
انظر:
مجمع البيان، (10/7).
(185)
راجع:
صحيح البخاري، (1/7).
(186)
انظر:
الدر المنثور، للسيوطي، (5/217).
(187)
راجع:
نهج البلاغة، الحكمة (361).
(188)
الأصول
من الكافي، (2/، ص468.
(189)
المصدر
السابق.
(190)
المصدر
السابق.
(191)
الأصول
من الكافي، (2/484).
(192)
راجع:
نهج البلاغة، (2/398).
(193)
انظر:
تحف العقول عن آل الرسول، لابن شعبة الحراني، (ص:73).
(194)
سورة
الأنفال: (28).
(195)
راجع:
وسائل الشيعة، (4/1169).
(196)
انظر:
نهج البلاغة، الحكم: (93).
(197)
راجع:
فروق اللغات، للجزائري، (ص:94).
(198)
مسند
الإمام زيد، ص119و رواه أيضاً الطبرسي في مجمع البيان (18/135) والسيوطي (من أهل
السنة) في الجامع الصغير (2/165).
(199)
راجع:
وسائل الشيعة، للحر العاملي، (4/، ص709.
(200)
راجع:
جوامع الجامع، للطبرسي، (4/، ص383.
(201)
انظر:
الأصول من الكافي، (2/614).
(202)
هو
الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي من علماء الإمامية له كتاب "مجمع البحرين ومطلع
النيرين" في تفسير غريب القرآن والحديث.
(203)
راجع:
مجمع البحرين (في مادة: رتل).
(204)
انظر:
مسند الإمام زيد، ص387.
(205)
رواه من
الإمامية الكلينى (الأصول (2/604) ومن أهل السنة السيوطي (الجامع الصغير، (2/165).
(206)
راجع:
مسند الإمام زيد، (ص:103) وسنن النسائي (2/130)بإسناده عن علي مرفوعاً.
(207)
انظر:
سورة الأنعام، (79،162و163).
(208)
راجع:
من لا يحضره الفقيه، (1/431).
(209)
انظر:
دعائم الإسلام، للقاضي النعمان بن محمد، (1/181).
(210)
راجع:
نهج البلاغة، ك (69).
(211)
انظر:
دعائم الإسلام، (1/140).
(212)
راجع:
ومن لا يحضره الفقيه، (1/417).
(213)
انظر:
وسائل الشيعة، (5/43).
(214)
كتاب:
من لا يحضره الفقيه، لابن بابويه القمي، (1/417).
(215)
مستدرك
نهج البلاغة، لكاشف الغطاء، (ص:67-68). والخطبة موجودة في كتاب "مصباح المتهجد"
للشيخ أبي جعفر الطوسي: (ص:384-386)، برواية جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر عن علي
بن أبي طالب عليهم السلام.
(216)
هو عبيد
الله بن أبي رافع كان كاتباً لعلي عليه السلام ومن خواصه له كتاب "قضايا أمير
المؤمنين عليه السلام". انظر: جامع
الرواة للأردبيلي، (1/527).
(217)
راجع:
وسائل الشيعة، (4/816).
(218)
راجع:
مسند الإمام زيد، ص150.
(219)
انظر:
وسائل الشيعة، (4/881).
(220)
راجع:
أمالي أحمد بن عيسى، (1/172).
(221)
راجع:
أمالي أحمد بن عيسى، (1/172).
(222)
راجع:
الاعتصام بحبل الله المتين، لقاسم بن محمد، (2/90).
(223)
سورة ق:
(40).
(224)
سورة
الطور: (49).
(225)
انظر:
مجمع البيان، الجزء السادس والعشرون، ص117.
(226)
راجع:
جامع البيان، الجزء السادس والعشرون، ص181.
(227)
راجع:
أمالي أحمد بن عيسى، (1/263).
(228)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (199).
(229)
راجع:
أمالي أحمد بن عيسى، (1/264).
(230)
انظر:
كتاب كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق، لعبد الرؤوف المناوي (طبع بهامش الجامع
الصغير، (2/160).
(231)
راجع
تفسير الطبري وتفسير الدر المنثور للسيوطي ذيل تفسير الآية المشار إليها من سورة
البقرة.
(232)
راجع:
جامع البيان، (2/139).
(233)
انظر:
مسند الإمام زيد، ص208.
(234)
المد
يقدر بثمانمائة غرام.
(235)
مسند
الإمام زيد، (ص:210-211).
(236)
انظر من
لا يحضره الفقيه: (2/115-116).
(237)
صحيح
البخاري، (3/42).
(238)
دعائم
الإسلام، (1/274).
(239)
الفروع
من الكافي، (ج:4) (كتاب الصوم)، (ص:125).
(240)
تفسير
الطبري (جامع البيان): (3/8).
(241)
المصدر
السابق.
(242)
المصدر
السابق.
(243)
المصدر
السابق: (3/17).
(244)
الجامع
الصحيح للترمذي، (3/176).
(245)
مسند
الإمام زيد، (ص:226).
(246)
المصدر
السابق: (ص:222-223).
(247)
سنن
النسائي، كتاب مناسك الحج، باب وجوب الحج، (3/110-111).
(248)
مسند
الإمام زيد، (ص:223).
(249)
الجامع
الصحيح للترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في العمرة، (3/270).، وقال أبو عيسى
(الترمذي): هذا حديث حسن صحيح، وهو قول بعض أهل العلم قالوا العمرة ليست بواجبة
وكان يقال هما حجان: الحج الأكبر يوم النحر والحج الأصغر العمرة. وقال الشافعي
العمرة سنة..الخ.
(250)
تفسير
الطبري، (3/212).
(251)
الاعتصام
بحبل الله، للقاسم بن محمد (من أئمة الشيعة الزيدية)، (3/23).
(252)
انظر
تفسير الطبري: (10/73).
(253)
قال
العلامة ابن الطهر الحلي: الأصبغ بن نباتة كان من خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه
السلام، عمر بعده، وهو مشكور (خلاصة الأقوال، ص:77).
(254)
الفروع
من الكافي، (ج:5) (كتاب الجهاد)، (ص:9).
(255)
الفروع
من الكافي، ج5، باب ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه السلام به،
(ص:39).
(256)
الفروع
من الكافي، (5/37-38).
(257)
مسند
الإمام زيد، (ص:351)، وتيسير المطالب في أمالي أبي طالب، (ص:290)، (وقد جمعت في
الرواية أعلاه بين ألفاظهما المختلفة يسيراً)، ودرر الأحاديث النبوية بالأسانيد
اليحيوية، (ص:181-182). ووسائل الشيعة، (11/43)، ومن كتب أهل اسنة انظر إلى: "التاج
الجامع للأصول" لابن الأثير، (4/367).
(258)
هو ثابت
بن دينار وكنيته أبو حمزة الثمالي، روى عن علي بن الحسين السجاد عليه السلام، وكان
ثقةً ثبتاً وكان له أربعة أبناء قتلوا مع زيد بن علي عليه
السلام.
(259)
الفروع
من الكافي، (5/33).
(260)
أنساب
الأشراف،البلاذري، (ص:240).
(261)
راجع
أنساب الأشراف للبلاذري، (2/479).
(262)
الفروع
من الكافي، (5/38).
(263)
كتاب
"المعيار والموازنة" لأبي جعفر الإسكافي المعتزلي، (ص:274-275).
(264)
انظر
الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ذيل تفسيره للآية المذكورة (89) من
سورة المائدة.
(265)
دعائم
الإسلام،ج2، ص102.
(266)
مسند
الإمام زيد، (ص:312).
(267)
مسند
الإمام زيد، (ص:312).
(268)
مسند
الإمام زيد، (ص:332).
(269)
راجع
سورة النور: الآيات: (6-9).
(270)
انظر
مجمع البيان، للطبرسي، (2/227)، ومسند الإمام زيد، (ص:323).
(271)
انظر
تفسير الطبري، (2/444)، وهذا الحديث أخرجه أيضاً الإمام أحمد في مسنده، المجلد
السادس، مسند عائشة.
(272)
الدر
المنثور في التفسير بالمأثور، ذيل تفسيره لقوله تعالى: ﴿ والمطلقات
يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾
43
البقرة: (228) ، قال:
أخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال:
الحديث.
(273)
راجع
الفروع من الكافي، (9/89)[باب معنى الإقراء].
(274)
انظر
تفسير الطبري، (2/545).
(275)
الفئام:
الجماعة من الناس، ولا واحد له من لفظه.
(276)
تفسير
العياشي، لمحمد بن مسعود العياشي، (1/241).
(277)
راجع
مجمع البيان للطبرسي ذيل تفسيره للآية (180) من
سورة البقرة، ورواه من أهل السنة الطبري في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور عنه
وعن ابن عباس وعائشة محيلاً إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة
وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.
(278)
مجمع
البيان للطبرسي ذيل تفسيره للآية (180) من
سورة البقرة.
(279)
انظر
الفروع من الكافي للكليني، كتاب الوصايا.
(280)
انظر
كتاب "درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية" باب في ذكر الوصايا،
(ص:174).
(281)
رواه
السيوطي في الدر المنثور ذيل الآية (36) من
سورة البقرة محيلاً إلى ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وابن عساكر عن
ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: الحديث.
(282)
رواه
السيوطي في الدر المنثور ذيل الآية (83) من
سورة البقرة محيلا إلى البيهقي في شعب الإيمان.
(283)
رواه
الطبرسي في تفسيره "مجمع البيان"، (1/104).
(284)
رواه
السيوطي في الدر المنثور ذيل الآية (124) من
سورة البقرة محيلا إلى وكيع وابن مردويه عن علي بن أبي طالب عن النبي صل،
الحديث.
(285)
انظر
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:165).
(286)
نهج
البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:99).
(287)
ابن
جرير الطبري في تفسيره جامع البيان عند تفسير الآية المذكورة.
(288)
الطبرسي
في مجمع البيان، (1/167).
(289)
الطبرسي
في مجمع البيان، (2/168).
(290)
الطبرسي
في مجمع البيان، (2/175).
(291)
الطبرسي
في مجمع البيان، (2/235).
(292)
نهج
البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:228).
(293)
دعائم
الإسلام، (2/241).
(294)
رواه
السيوطي في الدر المنثور، (1/331).
(295)
دعائم
الإسلام، (2/ص71.
(296)
نهج
البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:96).
(297)
الطبرسي
في مجمع البيان، (3/127).
(298)
الطبرسي
في مجمع البيان، (3/131). ورواه ابن جرير الطبري في مجمع البيان والسيوطي في الدر
لمنثور.
(299)
انظر
مجمع البيان للطبرسي، ذيل تفسيره للآية (200) من
سورة آل عمران.
(300)
المصدر
السابق. (2/428). ومعنى السبرات أي المكاره.
(301)
الجامع
الصحيح للترمذي، ج1، أبواب الطهارة، باب ما جاء في إسباغ الوضوء. ونحوه لدى النسائي
في سننه ومسلم في صحيحه وأحمد في مسنده.
(302)
الطبرسي
في مجمع البيان (3/27).
(303)
دعائم
الإسلام، (2/ص233.
(304)
دعائم
الإسلام، (2/232).
(305)
دعائم
الإسلام، (2/232).
(306)
الطبرسي
في مجمع البيان، (5/112).
(307)
الطبرسي
في مجمع البيان، (5/113).
(308)
نهج
البلاغة، الحكمة (420).
(309)
الطبرسي
في مجمع البيان، (5/24).
(310)
السيوطي
في الدر المنثور ذيل تفسيره الآية (58)
المذكورة من سورة النساء.
(311)
السيوطي
في الدر المنثور، (2/، ص235.
(312)
الطبرسي
في مجمع البيان، (6/6).
(313)
السيوطي
في الدر المنثور، (2/258).
(314)
الطبرسي
أيضا في مجمع البيان، (6/99).
(315)
دعائم
الإسلام،ج2، ص102.
(316)
نهج
البلاغة: باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:377).
(317)
نهج
البلاغة: باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:229).
(318)
نهج
البلاغة: باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:231).
(319)
السيوطي
في الدر المنثور، محيلاً إلى ابن مردويه في تفسيره عن علي بن أبي
طالب.
(320)
السيوطي
في الدر المنثور، محيلاً إلى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب، وروى مثله عن الحسن
وعن أبي سعيد الخدري كذلك.
(321)
السيوطي
في الدر المنثور، محيلاً إلى ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن علي بن أبي
طالب.. الحديث.
(322)
انظر
الدر المنثور للسيوطي ذيل تفسيره للآية المذكورة من سورة يونس.
(323)
رواه
القاضي النعمان بن محمد في دعائم الإسلام، (2/185).
(324)
دعائم
الإسلام، (2/148).
(325)
رواه
العياشي في تفسيره، (2/151).
(326)
تفسير
الطبري، والسيوطي في الدر المنثور، بالإحالة إلى ابن أبي حاتم وابن جرير وابن
المنذر في تفاسيرهم، ذيل تفسيرهم للآية (28) من
سورة إبراهيم.
(327)
السيوطي
في الدر المنثور، (4/101).
(328)
المصدر
السابق، (4/101).
(329)
انظر
تفسير مجمع البيان للطبرسي، (6/28).
(330)
انظر
تفسير مجمع البيان للطبرسي، (6/248).
(331)
رواه
أبو جعفر الإسكافي، في كتاب المعيار والموازنة، ص97.
(332)
رواه
العياشي في تفسيره، (2/324).
(333)
الطبرسي
في مجمع البيان، (15/146).
(334)
السيوطي
في الدر المنثور ذيل تفسير الآية المذكورة من سورة الكهف وأحال إلى ابن أبي حاتم في
تفسيره.
(335)
الطبرسي
في مجمع البيان، (15/189).
(336)
السيوطي
في الدر المنثور: ذيل تفسير الآية المذكورة من سورة مريم.
(337)
نهج
البلاغة، (الخطب:4).
(338)
السيوطي
في الدر المنثور، ذيل تفسير الآية المذكورة من سورة طه، محيلا إلى أبي نعيم
الأصفهاني في حلية الأولياء.
(339)
دعائم
الإسلام، (2/281).
(340)
السيوطي
في الدر المنثور، (5/140).
(341)
الطبرسي
في مجمع البيان، (22/171).
(342)
الطبرسي
في مجمع البيان، (23/108).
(343)
راجع:
كتاب التسهيل لعلوم التنـزيل، لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي،
(3/182).
(344)
الطبرسي
في مجمع البيان، (23/38).
(345)
رواه
ابن بابوية في كتاب التوحيد، ص32.
(346)
أخرج
الروايتين ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان، ذيل تفسير الآية (29) من
سورة فصلت.
(347)
نهج
البلاغة، الخطب: (167).
(348)
الطبرسي
في مجمع البيان، (24/54).
(349)
السيوطي
في الدر المنثور، (6/، ص13.
(350)
تفسير
مجمع البيان للطبرسي، (9/148).
(351)
السيوطي
في الدر المنثور، (6/80).
(352)
السيوطي
في الدر المنثور، ذيل تفسيره الآية المذكورة من سورة الحجرات وأحال الرواية إلى
الخطيب البغدادي.
(353)
نهج
البلاغة: الخطب: (85).
(354)
سورة
الذاريات: (1إلى4).
(355)
الطبرسي
في مجمع البيان، (27/7).
(356)
الطبرسي
في مجمع البيان، (27/، ص7.
(357)
رواه
بابوية في كتاب التوحيد، (ص:28).
(358)
ابن
جرير الطبري في تفسيره للآية المذكورة.
(359)
نهج
البلاغة: باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:439).
(360)
نهج
البلاغة: الكتاب (22).
(361)
السيوطي
في الدر المنثور ذيل الآية المذكورة من سورة نون والقلم.
(362)
نهج
البلاغة: الخطب: (143).
(363)
ابن
جرير الطبري في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور ذيل تفسيرهم للآية (6)
المذكورة من سورة التحريم، وقال السيوطي: أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور
وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن علي بن
أبي طالب.. الحديث.
(364)
السيوطي
في الدر المنثور، (6/303).
(365)
رواه
علي بن إبراهيم في تفسيره، ص708.
(366)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/18).
(367)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/56).
(368)
رواه
الطبري في تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن، (30/75).
(369)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/44).
(370)
رواه
السيوطي في الدر المنثور ذيل تفسيره للآية المذكورة من سورة الأعلى، وأحاله إلى
الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف كلهم عن علي بن أبي
طالب.. الحديث. وروى مثله عن النبي ص وعن ابن عباس وابن الزبير وأبي موسى الأشعري
وغيرهم.
(371)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/109).
(372)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/119).
(373)
رواه
ابن جرير الطبري في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور ذيل تفسيرهما لسورة الماعون،
وأحاله إلى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما والبيهقي في سننه عن علي بن أبي
طالب.
(374)
الطبرسي
في مجمع البيان، (30/24).
(375)
راجع:
نهج البلاغة، الخطبة (17).
(376)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (23).
(377)
راجع:
نهج البلاغة، الخطبة (58).
(378)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (34).
(379)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (86).
(380)
راجع:
نهج البلاغة، الخطبة (95).
(381)
راجع:
نهج البلاغة، الخطبة (111).
(382)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (120).
(383)
انظر:
نهج البلاغة، الخطبة (130).
(384)
نهج
البلاغة، الخطبة (160).
(385)
نهج
البلاغة، الخطبة (163).
(386)
راجع:
نهج البلاغة، الخطبة (195).
(387)
انظر:
نهج البلاغة: خطبة (226).
(388)
راجع:
نهج البلاغة، الكتاب (6).
(389)
انظر:
نهج البلاغة، (15) (من
دعاء له عليه السلام).
(390)
راجع:
نهج البلاغة، الكتاب (28).
(391)
راجع:
نهج البلاغة، الكتاب (31).
(392)
انظر:
نهج البلاغة، الكتاب (53).
(393)
راجع:
نهج البلاغة: الكتاب (55).
(394)
انظر:
نهج البلاغة، الكتاب (58).
(395)
راجع:
نهج البلاغة: الكتاب (62).
(396)
انظر:
نهج البلاغة، الكتاب (64).
(397)
راجع:
نهج البلاغة، الكتاب (65).
(398)
انظر:
مستدرك نهج البلاغة، للشيخ هادي كاشف الغطاء، (ص:111).
(399)
راجع:
مستدرك نهج البلاغة: (ص:117).
(400)
انظر:
مستدرك نهج البلاغة، (ص:136).
(401)
راجع:
مستدرك نهج البلاغة، (ص:135-136).
(402)
انظر:
مستدرك نهج البلاغة، (ص:134).
(403)
انظر:
مستدرك نهج البلاغة، (ص:138).
(404)
راجع:
مستدرك نهج البلاغة، (ص:152).
(405)
نهج
البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة رقم (7).
(406)
انظر
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:25).
(407)
راجع:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:26).
(408)
انظر
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:28)
(409)
راجع:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:29).
(410)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:33).
(411)
راجع:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:62).
(412)
انظر:
نهج البلاغة باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:90).
(413)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:95). وانظر الدر
المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، عند تفسيره للآية (27) من
سورة المائدة.
(414)
انظر:
نهج البلاغة، الحكمة (116).
(415)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:126).
(416)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:435).
(417)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:392).
(418)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:150).
(419)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:150).
(420)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:151).
(421)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:172).
(422)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة
(رقم:173).
(423)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:176).
(424)
انظر:
نهج البلاغة، باب حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة (رقم:183).
(425)
تاريخ
بغداد، للخطيب البغدادي، (14/321).